يعتمد معظم الشباب أصحاب المقاولات الناشئة في الغالب على مبدأ “ابحث عن مشكلة ثمّ جد لها حلاّ”؛ وهو الأمر الذي لم يحِدْ عنه الشاب بدر كنون بطنجة عندما قرّر أن يلج مجالاً يكاد يعدّ مشكلة مرهقة وعويصة بالنسبة لكلّ أسرة عندما تعتزم تغيير إقامتها.

يعتبر “الرّْحيل” همّاً مقيما بالمغرب إلى درجة أن مثلاً دارجاً يقول ما معناه إنك إن أردت أن تدعوَ على شخصٍ فادعُ عليه بـ”الرّحيل”. فصعوبة نقل الأغراض الكثيرة التي تكون بالإقامة السابقة نحو الإقامة الجديدة، والحفاظ عليها دون أن تتلفَ أو تضيع، أمر صعب جدا، ناهيك طبعا عن الأثقال الواجب نقلها من مكان إلى مكان.

وبناءً على ما سبق، أطلق المقاول الشاب بدر، البالغ 44 سنة، خدمة جديدة تابعة لشركته “مساعدي” الناشئة تقوم بهذه المهمة الثقيلة وبطريقة احترافية تضمن الأمان والسلامة.

عن ميلاد الفكرة يقول ابن مدينة الدار البيضاء، المقيم بطنجة: “بحكم خدماتنا التي نقوم بها في شركتنا الناشئة، والمتمثلة أساساً في توصيل الحاجات والأغراض للزبائن بالدراجات النارية، لاحظت أن هناك طلبا لا بأس به من طرف الزبائن على توصيل أغراض ذات أحجام كبيرة، وأحيانا أثاث منزل بكامله”.

لكن الملاحظة الأهم كانت، وفق المتحدث دئما، “أن هؤلاء الزبائن يشترطون أن نقوم بالمهمة من الألف إلى الياء، وأن يتم الحفاظ على أغراضهم سلمية تماما، دون الحديث عن عنصر الثقة الذي كان سبب سؤالهم عن هذه الخدمة، بعد أن لاحظوا مدى التزام مستخدمينا”، وزاد: “من هنا جاءت فكرة إطلاق خدمة ‘الرّحيل'”.

وعن الفرق بين الخدمة التي تقدمها شركة “مساعدي” وخدمة نقل الأثاث العادية يقول بدر: “تتميز خدمتنا بالعناصر الثلاثة التي سبق أن ذكرتها: الحفاظ على الأثاث، الثقة، وكذا الخبرة. فالزبون مطلوب منه فقط أن يسلمنا مفاتيح الإقامتين: القديمة والتي سينتقل إليها، ونحن نقوم عنه بكل المهمة، وبكل احترافية وأمان وسلامة”.

“وتتمثل هذه الاحترافية في تغليف كل قطعة من الأثاث كي لا تتعرض للتلف، والتعامل مع كل قطعة تعاملاً خاصا حسب نوعها والمادة المصنوعة منها. كما أننا نقوم بالتفكيك ثم التركيب، ثم النقل أخيرا بشاحناتنا الخاصة”، يضيف صاحب شركة “مساعدي”.

وعن تكلفة مشروع كهذا يكشف المقاول الشاب لهسبريس: “الحقيقة أنه من الصعب الحديث عن تكلفة محددة.. لقد بدأنا بدراجتين ناريتين فقط منذ سنوات، لكن بالاجتهاد والإرادة والصدق تطور المشروع، والآن نمتلك عشرات الدراجات، وشاحنتين تابعتين للشركة”.

أما بخصوص الصعوبات فيوضح المتحدث ذاته: “أهم عقبة حاليا أن التفكير التقليدي مازال يحكم عقلية من يريدون الخدمة، فهم في الغالب يفضلون الطريقة الاعتيادية رغم مساوئها بدل اللجوء إلى شركة متخصصة؛ لكننا في طور نشر الفكرة تدريجيا، ولدينا الآن ولله الحمد زبائن في كل أنحاء المغرب، بل إننا قمنا بعمليات حتى في الخارج، وقد بلغ عددها الآن أكثر من 10 عمليات نحو دول مختلفة”.

وعن النصيحة التي يوجهها إلى أصحاب المقاولات الناشئة والأفكار الريادية، يقول بدر أخيرا: “أنصح الشباب بالجرأة والإقدام، فكما نقول نحن المغاربة ‘ما يديها غير زعيم ولا كريم ولا مرضي الوالدين’.. إضافة إلى ضرورة تركيز المرء على ما يتقن، فلو دخلت ميدانا لا تعلم عنه شيئا فيستحيل النجاح فيه.. لا بد أن تكون لديك معرفة به أولا، ثم تراكم التجربة من خلال سنوات من العمل تدريجيا”.

hespress.com