الأحد 29 نونبر 2020 – 02:15
وأنت تلج جماعة الفضالات المعروفة بـ”الجمعة”، والمحسوبة إداريا على عمالة إقليم بنسليمان، يلفت انتباهك ملعب مهمش لكرة القدم، بدل تواجد الشباب على أرضيته لممارسة هوايتهم، يفترشه باعة المتلاشيات أو ما يعرف بين ساكنة الجماعة بـ”القيشة”.
فضاء رياضي منسي، يفتقر إلى أبسط المقومات لتسميته ملعبا، صار بين عشية وضحاها فضاء يستغله الباعة، وهو ما جعل شباب هذه المنطقة القروية يحتجون على “انتهاك” فضائهم أمام مرأى ومسمع من السلطات المنتخبة والمحلية، ويعمق معاناتهم مع غياب ملاعب القرب بجماعة لا تزال بعيدة عن التنمية.
احتلال الباعة للملعب
لا حديث بين شباب جماعة الفضالات هذه الأيام سوى عن الملعب الموجود بالشارع الرئيسي الذي يخترق الجماعة، والذي تحول إلى سوق لبيع المتلاشيات، يومي الخميس والجمعة، تزامنا مع انعقاد السوق الأسبوعي بهذا المركز.
العديد من الشباب لم يستسيغوا هذا “الاحتلال”، الذي طال فضاء خاصا بهم، وصار يحول بينهم وبين ممارسة هواية لعب كرة القدم في جماعة تفتقر إلى أبسط شروط الترفيه بالنسبة إليهم، وتزيد التنمية الغائبة فيها من معاناتهم.
ولم يخف عدد منهم، ممن تحدثوا إلى جريدة هسبريس الإلكترونية، امتعاضهم من هذا “الهجوم”، الذي طال الفضاء الخاص بهم، وعبروا عن تذمرهم من هذا التصرف الذي يضرب في العمق الرياضة بالجماعة ويستهدف الرياضيين.
وأعرب واحد من هؤلاء الشباب، الذين تحدثوا للجريدة، عن استيائه من تحويل الملعب إلى فضاء خاص لبيع المتلاشيات، معتبرا ذلك “استهدافا مباشرا لفئة الشباب والرياضيين بالمنطقة الذين يعانون من غياب المرافق والفضاءات الخاصة بهم”.
ولفت الشاب في حديثه للجريدة الانتباه إلى كون “أبناء المنطقة يرفضون تواجد الباعة على أرضية الملعب، لذلك نطالب بضرورة إنصافنا وتشييد ملاعب للقرب، وإنهاء تواجد الباعة بهذا المكان، لا سيما أنهم يؤثرون على الفضاء بترك النفايات وغيرها”.
من جهته، أكد رئيس جمعية “عمور” الرياضية، رشيد توهام، أن هذا الملعب يعتبر الفضاء الوحيد بالجماعة لممارسة كرة القدم، ولذلك يرفض الشباب تواجد هؤلاء الباعة فوق أرضيته، مضيفا “نحن لسنا ضد الباعة، ولكن ضد تواجدهم فوق الملعب”.
وأوضح المتحدث نفسه أن “الجماعة لا تتوفر على متنفس للشباب، ولا وجود لملاعب للقرب، فالملعب الوحيد الموجود هو هذا الذي تم استغلاله من طرف هؤلاء الباعة”، محملا المسؤولية للجهات المختصة، وعلى رأسها الجماعة والسلطة المحلية، في إنهاء هذا الوضع لإنقاذ الشباب من الضياع.
“القيشة” لجذب الاستثمار
في المقابل، يرفض الباعة، الذين يعرضون سلعهم يومي الخميس والجمعة، وصفهم بالمحتلين للمكان، على اعتبار أنهم يغادرونه زوال الجمعة بعد انتهاء السوق الأسبوعي.
وأكد الباعة، في حديثهم للجريدة، استعدادهم لوضع سلعهم في مكان آخر تقترحه الجماعة القروية والسلطات المحلية، مشيرين إلى أنهم سيغادرون المكان فور اقتراح المجلس فضاء آخر.
وفي تصريح للجريدة، أكد عضو المجلس الجماعي بالفضالات، لحسن كريش، أن باعة “القيشة” أفراد يبحثون عن مورد رزقهم، وبالتالي لا يمكن القضاء على هذا المورد، مشيرا إلى أنهم يستغلون الفضاء لمدة يومين، “وبالتالي لا مشكل في استغلالهم هذا الفضاء، مع تنظيفه من طرف الشركة المفوض لها تدبير القطاع بعد ذلك”، يضيف كريش، الذي دافع عن استمرار “القيشة” فوق أرضية الملعب، على اعتبار أنها “تسهم في توفير مدخول للباعة، ولكونها توجد في مكان استراتيجي، حيث تجذب المارة وتشكل وسيلة جذب اقتصادي”.
وأوضح العضو المذكور أن هذه “القيشة” لا يجب أن تكون على حساب الرياضة، بيد أنه شدد على وجوب ترك الباعة يستغلون الفضاء ريثما يتم إعداد وإصلاح الملعب.
تنمية معطوبة
وإلى جانب انعدام المرافق الرياضية بها، لا تزال جماعة الفضالات تعيش مشاكل عديدة بسبب ضعف التدبير من طرف المجالس الجماعية المتعاقبة، وهو ما جعل التنمية بهذه الجماعة تسير ببطء مقارنة بجماعات أخرى.
وتتخبط جماعة الفضالات في مشاكل عديدة، على رأسها غياب مجاري الصرف الصحي، إذ لا تزال المنازل بها تعتمد على حفر كبيرة، مما يحولها إلى مكان تنبعث منه روائح كريهة بعد امتلائها. ويزداد الوضع سوءا خلال تسرب مياه الصرف الصحي في الشارع، كما هو الحال هذه الأيام.
كما يعيش السوق الأسبوعي وضعا كارثيا، إذ تهاوت حيطانه، دون أن يقدم المجلس الجماعي على ترميمه، وهو ما يسيئ إلى الجماعة برمتها ويشوه واجهتها. أما الطامة الكبرى التي تصدم زوار الجماعة، فتتمثل في المكان المخصص لبيع اللحوم، الذي لا يصلح لأي شيء، فبالأحرى لبيع اللحوم.
ورغم أن وزارة الداخلية تتجه نحو تحويل جماعة الفضالات إلى مركز حضري، في إطار التقسيم الترابي، فإن ساكنتها تعاني الأمرين مع البنية التحتية، وغياب تعميم النظافة على مختلف الدواوير، مما يضع المجلس الجماعي في موقف لا يحسد عليه أمام المواطنين.
توضيح الجماعة
وأمام الانتقادات الموجهة إلى المجلس الجماعي بعدم تدخله في إنهاء ما يتعرض له شباب المنطقة من مضايقات و”احتلال” للملعب الرياضي من طرف الباعة، حاول رئيس الجماعة، مصطفى الملوكي، طمأنة الفعاليات بتنقيل “القيشة” صوب مكان آخر.
وأوضح الملوكي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هؤلاء الباعة سيتم تنقيلهم صوب مكان آخر، بتنسيق مع السلطة المحلية، مشيرا إلى أنه تم إخبارهم بذلك. وأضاف أن هؤلاء الباعة “لا يستغلون الملعب سوى ساعات قليلة، ولا يؤثرون عليه”.
وبخصوص الانتقادات الموجهة إلى جماعة الفضالات حول التنمية وضعف البنية التحتية والطرقات، أوضح الملوكي أن المجلس لم تمض على انتخابه سوى ولاية واحدة، وأنه يقوم بمجهود كبير في سبيل تحقيق مجموعة من الأهداف والوعود التي قدمت للساكنة في الفترة الانتخابية السابقة.
وأكد أن المجلس قام على مستوى الطرقات والنهوض بها بإنجاز دراسة حول ذلك، تم قبولها، مشيرا إلى أنه سيتم الشروع في إنجازها. وأضاف في هذا الصدد أن الطرقات ستتعزز بحوالي 25 كيلومترا لتعزيز البنية التحتية للجماعة.