• روجر هارابين
  • محلل في بي بي سي للشؤون البيئية

قبل 16 دقيقة

بيرة ورقائق بطاطس

قد يحلو للكثيرين الجمع بين شرب البيرة (الجعة) وأكل رقائق البطاطس المقلية، لكن علماء جمعوا بينهما لأول مرة للتعامل مع مشكلة التغير المناخي.

فقد طورت شركة وولكرز التي تنتج شرائح البطاطس المقلية طريقة تقنية تقول إنها ستخفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون من مصانعها بنسبة 70 في المئة.

وستستخدم التقنية الجديدة ثاني أكسيد الكربون الناتج من عملية تخمير البيرة وتمزجه مع بقايا البطاطس المستخدمة لصنع الرقائق المقلية، ويحول المزيج إلى سماد زراعي.

وسيستخدم السماد في حقول إنتاج البطاطس في بريطانيا العام المقبل.

وتولد عملية إنتاج السماد بشكل طبيعي انبعاثات لغاز ثاني أكسيد الكربون، بيد أن التقنية الجديدة التي تبنتها وولكرز ستصنع سمادا من دون أن تولد ثاني أكسيد الكربون.

وهكذا يؤدي الجمع بين البيرة ورقائق البطاطس وظيفة مزدوجة. فهو يوقف انبعاث ثاني أكسيد الكربون الناتج من عملية تخمير البيرة إلى الغلاف الجوي، كما يوفر ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج بشكل طبيعي من عملية تصنيع السماد.

وقد طور هذه التقنية التي يُطلق عليها اختصارا “سي سي أم” فريق ابتدأ بـ 14 شخصا عبر منحة من الحكومة البريطانية.

وقد جُرب استخدام السماد المنتج بهذه الطريقة في حقول البطاطس هذا العام. وستنصب شركة وولكرز معدات هذ التقنية في مصنع ليستر للتحضير لمحصول عام 2020.

ولم يتخذ قرار بعد بشأن أي من مصانع التخمير في وولكرز سيعمل بهذه الطريقة.

وتضاف هذه التقنية إلى مجمل التقنيات الموفرة للكاربون الجاري تطويرها.

وقد استخدمت الشركة حاويات هضم لاهوائية، يتم فيها تقديم بقايا البطاطس إلى بكتريا تنتج منها غاز ميثان مفيد.

ويحرق الميثان لتوليد طاقة كهربائية تستخدم في عملية قلي رقائق البطاطا، ويتم بذلك توفير في حرق الغاز المستخرج من الوقود الإحفوري.

وسيذهب هذا النظام خطوة إضافية باستخدام بقايا البطاطس التي تم هضمها في الحاويات، لتخلط مع ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عملية التخمير لخلق سماد غني يساعد في إعادة الكربون إلى التربة وتحفيز نمو النبات.

وتعد هذه الطريقة مثالا على كيفية إيجاد العلماء لطرق لاستخدام انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بدلا من أن تتسبب عادة في ارتفاع درجة حرارة كوكبنا.

الهدف: صفر من الانبعاثات

تُصنف تقنية “سي سي أم” هذه ضمن التقنيات الصناعية التي تستخرج الكربون من ثاني أكسيد الكربون وتعيد استخدامه والتي تعرف اختصار باسم “سي سي يو”.

وثمة اختراعات حديثة يجري العمل عليها في هذا الصدد تقدم طرقا جديدة لإنتاج الوقود والبوليمرات والسمادات والبروتينات والرغوات وآجر البناء.

وتستخدم طرق “سي سي يو” حاليا في نطاق ضيق، ويرجع سبب ذلك، في جزء منه، إلى جدة هذه التقنيات، وفي الجزء الآخر إلى أن إنتاج ثاني أكسيد الكربون (كناتج عرضي لعمليات أخرى في مجتمعاتنا) يفوق بشكل كبير الطلب عليه لاستخدامه في مثل هذه التقنيات الحديثة.

وتعد تقنية “سي سي يو” شقيقة لطريقة أخرى تعرف اختصار باسم “سي سي أس” أي طريقة احتجاز الكربون وخزنه بشكل جيد، التي تأخذ الانبعاثات من المداخن وتضغطها ثم تضخها إلى صخور تحت الأرض مما يمنع تسببها في ارتفاع درجة حرارة الأرض.

ويتحمس رئيس الوزراء البريطاني لاستخدام طريقة سي سي أس، التي يمكن أن تستخدم على نطاق واسع.

مصانع السماد التي تستخدم ثاني أكسيد الكربون يمكن أن تسهم في حل مشكلة التغير المناخي
التعليق على الصورة،

مصانع السماد التي تستخدم ثاني أكسيد الكربون يمكن أن تسهم في حل مشكلة التغير المناخي

وسبق أن قالت كيتي أرمسترونغ، مديرة مركز استغلال الكربون في جامعة شيفيلد لبي بي سي: “نحتاج إلى منتجات بسبب طريقة عيشنا، وكل ما نفعله تكون له تأثيرات. يجب أن نصنع منتجاتنا من دون زيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وإذا استطعنا استخدام مخلفات ثاني أكسيد الكربون في صناعتها، سيكون ذلك أفضل بكثير”.

ويوصف الكثير من الشركات الصغيرة الجديدة التي تستخدم الكربون بأنها من الشركات التي لا تولد انبعاثات كربونية وهذا يعني أنها تأخذ كمية من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تنتج.

وهذه الشركات تعد رائدة في ما يعرف باقتصاد التدوير، الذي يعيد استخدام المخلفات لتكون مادة أولية في عملية صناعية جديدة.

ويحاول الاتحاد الأوروبي دعم كل الصناعات التي تعتمد هذا المبدأ، لأنه يجب أن تصل الشركات إلى صفر من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول 2050.

وتنظر الشركة المالكة لعلامة وولكرز التجارية، بيبسي كو، في توسيع مشروع “سي سي أم” بإضافة الشوفان والذرة للسماد المعاد تدويره.

خطوات أولية

تفكر الشركة بتوسيع مشروع السماد المدور ليستخدم مع محصولي الشوفان والذرة

التعليق على الصورة،

تفكر الشركة بتوسيع مشروع السماد المدور ليستخدم مع محصولي الشوفان والذرة

وقال ديفيد ويلكينسون من شكة بيبسي كو: “هذه المبادرة قد توفر الكثير مما يمكن تعلمه لمجمل النظام الغذائي، وتمكن القطاع الزراعي من أداء دوره في مكافحة التغير الناخي”.

وأضاف “هذه مجرد بداية لرحلة طموحة، ونحن متشوقون جدا لتجريب السماد على مستوى واسع واكتشاف مجمل مدى استخداماته المستقبلية”.

ويقول القائمون على طريقة “سي سي أم” إنها تنتج سمادا يستثمر ثاني أكسيد الكربون وبسعر يضاهي تقريبا منتجات السماد التقليدية.

ويعد ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عمليات إنتاج السمادات التقليدية عاملا كبيرا في إبقاء نسبة الانبعاثات الناجمة عن القطاع الزراعي مرتفعة في وقت تنخفض فيه نسبة الانبعاثات في معظم قطاعات المجتمع الأخرى”.

وقال بيتر هاموند، أحد العاملين في تقنية “سي سي أم” لبي بي سي: “ثمة زيادة في الوعي الجماهيري بشأن: أننا يجب أن نفعل شيئا حول قضية المناخ، والكثير من الخطوات الأولى في هذا الصدد قد تجمعت معا لصنع شيء مهم”.

وأضاف أن “التحدي الأساسي بالنسبة لنا، في مجال العمل التجاري، ليس في تخفيض كلفة الإنتاج بل في تسويق السماد. وقد تولت شركة بيبسي كو هذا الأمر نيابة عنا”.

ولشركة بيبسي كو سجل مزدوج في الشأن البيئي، فقد كانت لوقت طويل من بين الشركات القائدة في التعامل مع انبعاثات الكربون، وقد تعهدت مؤخرا بإزالة كل مواد البلاستيك الأولية من العبوات التي تبيعها في تسع دول أوروبية بحلول عام 2020.

بيد أن مسحا أجرته مؤخرا حملة “تحرر من البلاستيك” صنف هذه الشركة بوصفها ثاني أعلى منتج للتلوث (بعد شركة كوكا-كولا) بمادة البلاستيك.

ويصف بعض أنصار الحفاظ على البيئة شركة بيبسي من بين رموز ثقافة رمي المخلفات، بسبب مخلفات البلاستيك الناجمة عن منتجاتها في 43 دولة.

بي بي سي العربية