قالت دراسة أصدرتها مُنظمة “أوكسفام المغرب” و”أون ديكاب إنترناشيونال” إن تغطية الاحتياجات الأساسية للمهاجرين في المملكة، على رأسها الصحة، لا تزال غير كافية على الرغم من الجهود المبذولة لاعتماد سياسة الاستقبال من قبل الدولة.
وذكرت الدراسة، الصادرة الأسبوع الجاري، أن وضع المهاجرين تفاقم بعد انتشار وباء “كورونا” بسبب تدابير الحجر الصحي الصارمة وقرارات إغلاق الشركات والمصانع؛ وهو ما ساهم بشكل كبير في تقليص فُرص وصول المهاجرين للحد الأدنى من الدخل، والذي غالباً ما يكون مصدره من الأنشطة غير المهيكلة أو من التسول.
وتُؤكد الدراسة المعنونة بـ”المحددات الاجتماعية والثقافية للوصول إلى الخدمات الصحية بالنسبة للمهاجرين في المغرب” أن “الوصول إلى الخدمات الصحية يُعتبر من بين الاحتياجات الأساسية للمهاجرين نظراً لما يُواجهون من مشاكل صحية، سواءً جسدية أو نفسية، بسبب ظروف رحلات الهجرة التي غالباً ما تكون محفوفة بالمخاطر، فضلاً عن ظروفهم المعيشية الصعبة في المغرب”.
وأشارت الدراسة، التي أجراها مركز الأبحاث Economia-HEM، إلى العديد من العوامل التي تؤثر على وُصول المهاجرين إلى الصحة؛ أبرزها عدم تجانس تجارب وخصائص المهاجرين. كما تُوجد ضمن هذه العوامل، حسب الدراسة، الصعوبات المتعلقة بفهم النظام الصحي والاستفادة من خدماته، والحواجز المؤسساتية والإدارية، والحواجز الاجتماعية والثقافية المتعلقة بكل من العاملين الصحيين والمهاجرين، والحواجز الاقتصادية بسبب الدخل المنخفض أو الوسائل المتاحة للمهاجرين.
وتؤكد الوثيقة أن “الوصول إلى الصحة يُشكل حقاً مشروعاً للجميع خاصة في ظل الوباء، حيث يُواجه النظام الصحي ضغوطاً متزايدة وتتدهور الظروف المعيشية للأشخاص الأكثر هشاشة وذلك أكثر من أي وقت مضى”، مشددة على ضرورة “ضمان الحُلول السياسية والاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى تحسين الوصول إلى الصحة بطريقة مستدامة، ووُصول المساعدة إلى من هُم في أمس الحاجة إليها، دون تمييز على أساس الجنس أو النوع أو الإعاقة أو الجنسية أو الوضع”.
وللاستجابة لهذا التحدي الجماعي، قدمت الدراسة جُملةً من التوصيات الموجهة إلى الجهات العمومية الفاعلة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والشركاء المحليين؛ على رأسها ضرورة دمج التغطية الطبية الشاملة للمهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين كجزء من إصلاح الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي. كما تقترح في السياق ذاته إنشاء مجموعات عمل “الصحة والهجرة” تضم جهات فاعلة متعددة (الإدارات، الجهات، منظمات المجتمع المدني، الجمعيات المحلية والمهاجرين) من أجل تحديد وتنفيذ حلول وخُطط ملائمة ومنسقة للوصول إلى الخدمات الصحية.
وركزت دراسة مركز الأبحاث Economia-HEM على أهمية توعية العاملين الصحيين على جميع مُستويات الهرم الصحي حول التعايش بين الثقافات، وصعوبة ظُروف رحلات الهجرة وتأثيرها على الصحة بالإضافة إلى المقاربة الحقوقية في مجال الصحة، بما في ذلك الصحة النفسية. كما يتوجب في هذا الصدد أيضاً تكوين العاملين الصحيين فيما يخص رهانات الحماية؛ من قبيل: منع الإساءة، وتسجيل الأشخاص في حالة خطر أو الأشخاص المعرضين للخطر، وملاءمة الاستقبال والرعاية بالنسبة لمجموعات خاصة من أجل وقايتهم من مخاطر سوء المعاملة.
وتشير الدراسة ذاتها إلى أن المغرب يُعد بلد عبور واستقبال للمهاجرين من دول جنوب الصحراء بشكل رئيسي، ويُرحب في جميع أنحاء أراضيه بالعمال الشرعيين والطلبة الأجانب والمهاجرين في وضعية غير شرعية و”المهاجرين العابرين” لسنوات عديدة في كثير من الأحيان وكذا طالبي اللجوء واللاجئين.
ووفقاً لإحصائيات المنظمة الدولية للهجرة الخاصة بسنة 2019، يُوجد أكثر من 98 ألف مهاجرة ومهاجر مُقيم بالمغرب من مختلف الجنسيات؛ من ضمنهم 40 ألف مُهاجر في وضعية غير شرعية، وحوالي 5 آلاف لاجئ.