ما زالت جمعيات المجتمع المدني تنتظر خروج القانون المنظم للتطوع إلى الوجود، وسط توجس من أن يؤدي القانون المرتقب إلى “تنفير” المحسنين من تقديم الدعم المالي للجمعيات، بعد تشديد السلطات لمساطر منح التبرعات.
وبرزت، بشكل كبير، الحاجة إلى تسريع إخراج قانون التطوع بعد انتشار جائحة فيروس كورنا، حيث اتسع حجم العمل التطوعي والتضامني من أجل تخفيف تداعيات الجائحة على الفئات الهشة، وسط غياب إطار قانوني منظم لهذا العمل المدني.
وإذا كان تقنين التطوع سيساهم في تنظيمه أكثر، فإنه قد يطرح بعض العوائق، خاصة في الجانب المتعلق بضرورة الحصول على ترخيص من السلطات قبل تلقي الدعم المالي من المحسنين.
واعتبر عزيز أرگراك، المشرف العام على مبادرة “قافلتي” الخيرية، أن المحسنين ألفوا تقديم الدعم للجمعيات بشكل عفوي وبدون مساطر قانونية. كما أن أغلبهم يفضّلون عدم الإفصاح عن أسمائهم أو المبالغ المالية المتبرع بها، ومن شأن فرض الكشف عن هوياتهم والمبالغ المتبرع بها “أن يشكل لهم حرجا”، على حد تعبيره.
وأبرز المتحدث ذاته أن مسألة تقنين الدعم مطلوبة؛ لكن مع الأخذ بعين الاعتبار تيسير مساطر الحصول عليه، لافتا إلى أن الجمعية الراغبة في تنظيم أي نشاط يتحتم عليها الحصول على ترخيص بجمع التبرعات الخاصة بالنشاط المراد تنظيمه، وإذا أرادت تنظيم نشاط آخر عليها أن تحصل على ترخيص جديد من السلطات.
مشكل آخر يعتقد عزيز أرگراگ أن قانون التطوع سيطرحه أمام جمعيات المجتمع المدني، ويتعلق بإبرام عقود مع العاملين مع الجمعيات، ما عدا الذين يريدون العمل مجانا، لافتا إلى أن أغلب الجمعيات تعاني من ضعف كبير في الموارد المالية، وسيصعب عليها أن تدفع مقابلا للعاملين معها.
ويراوح مشروع قانون تنظيم التطوع مكانه منذ عهد حكومة عبد الإله بنكيران. وفي سنة 2018 دعا الملك محمد السادس، في افتتاح البرلمان، إلى تبسيط المساطر وتشجيع مختلف أشكال التبرع والتطوع والأعمال الخيرية، ودعم المبادرات الاجتماعية والمقاولات المواطنة.
وأكد عزيز أرگراگ أن قانون التطوع، الذي تسعى الحكومة إلى اعتماده، ينبغي أن يراعي جملة من المعطيات؛ “في مقدمتها أن تجربة العمل الجمعوي في المغرب لم تصل بعد إلى مستوى نظيرتها في البلدان التي قنّنت العمل التطوعي، خاصة في ما يتعلق بتمويل المشاريع.
وأردف المتحدث ذاته: “إذا أردت تنظيم قافلة صغيرة لتوزيع مساعدات على سكان الجبال فقد تحتاج إلى ثلاثة أو أربعة ملايين سنتيم، بينما لا يتجاوز الدعم الذي تقدمه الجماعات المحلية خمسة آلاف درهم، وهذا يشكل عائقا كبيرا أمام العمل التطوعي”.