عقد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، مساء الاثنين، جلسة مشاورات مغلقة، بناء على طلب ألمانيا، قصد الاطلاع على آخر تطورات قضية الصحراء المغربية.
ووفقا لمصادر دبلوماسية، فقد شكل هذا الاجتماع مناسبة للولايات المتحدة لعرض، أمام مجلس الأمن، وللمرة الأولى، وجاهة ودقة الإعلان الأمريكي الصادر في 10 دجنبر الجاري، الذي يعترف بسيادة المغرب التامة والكاملة على صحرائه.
إن هذا العرض، الذي قدمه عضو دائم في مجلس الأمن، له حمولة تاريخية ويكتسي أهمية بالغة في تكريس مغربية الصحراء في الأمم المتحدة سياسيا وقانونيا. وموازاة مع ذلك، جدد الوفد الأمريكي التأكيد على دعم واشنطن القوي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، باعتبارها الحل الوحيد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وأكدت مصادر دبلوماسية في نيويورك أن العديد من الدول الأعضاء انضمت، خلال هذه المشاورات، إلى الولايات المتحدة في دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها القاعدة الجادة والوحيدة الكفيلة بإنهاء هذا النزاع الموروث من حقبة الحرب الباردة.
ووفقا لدبلوماسيين في الأمم المتحدة، أكد أعضاء مجلس الأمن، بالإجماع، دعمهم للمسلسل الذي تشرف عليه حصريا الأمم المتحدة، للتوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم، وتسوية النزاع المصطنع حول الصحراء المغربية، استنادا إلى قرارات مجلس الأمن الصادرة منذ عام 2007.
وشدد أعضاء مجلس الأمن الدولي، في تصريحاتهم، على أهمية التعجيل بتعيين مبعوث شخصي جديد لاستئناف مسلسل الموائد المستديرة في أقرب الآجال، بمشاركة نشطة للجزائر، التي كرستها قرارات مجلس الأمن كطرف رئيسي في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. وهذا دون التذكير بضرورة توفير مناخ ملائم وظروف مناسبة للسماح باستئناف هذه العملية من حيث توقفت مع هورست كوهلر، المبعوث السابق للأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، أعرب كافة أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم إزاء انتهاكات وقف إطلاق النار والاتفاقات العسكرية من جانب الجماعة المسلحة الانفصالية “البوليساريو”. وحمّل عدد من أعضاء مجلس الأمن هذه الأخيرة مسؤولية الأزمة في الكركرات، حيث أغلقت الممر الطرقي في المنطقة لأكثر من ثلاثة أسابيع. وهذا ما دفع المغرب إلى تنفيذ عملية الهندسة المدنية التي سمحت باستعادة حرية الحركة المدنية والتجارية، فضلا عن مناخ الهدوء والسكينة في الكركرات. وقد لقيت هذه العملية السلمية ترحيبا واسعا من المجتمع الدولي برمته.
ووفقا للمصادر الدبلوماسية نفسها، تم حث “جبهة البوليساريو” على الاحترام الدقيق لمقتضيات وقف إطلاق النار، الذي ندد به علنا والذي ينتهكه يوميا. كما أمرت “جبهة البوليساريو” بالتعاون مع بعثة المينورسو، والتي عرقلت، بشكل خطير، مهمتها في مراقبة احترام وقف إطلاق النار. وفي المقابل، لقي تعاون المغرب مع البعثة الأممية ترحيبا واسعا.
وأخيرا، فإن هذا الاجتماع، الذي عقد، وفقا للمصادر نفسها، في جو سلس وهادئ، لم يتوج بصدور أي إعلان، على الرغم من الضغوطات التي مارستها الجزائر لدى بعض أعضاء المجلس. وأمام هذه النتيجة، لم يكن أمام رئيس المجلس لشهر دجنبر، جيري ماتجيلا، سفير جنوب إفريقيا، خيار سوى أن يؤكد من جديد، بصفته الوطنية فقط، موقف بريتوريا الإيديولوجي بشأن الصحراء المغربية. وحتى مؤتمره الصحافي، الذي أعلن عنه قبل فترة ولم يحضره سوى صحافي واحد، تجاهله مراسلو وسائل الإعلام ووكالات الأنباء المعتمدون لدى الأمم المتحدة.
وكانت أبرز عناصر هذه المشاورات العرض المفصل للإعلان الأمريكي بشأن مغربية الصحراء، وتجديد التأييد لمبادرة الحكم الذاتي، بما في ذلك من جانب عضوين دائمين في مجلس الأمن، وتكريس عودة الحياة الطبيعية إلى الكركرات. كما تميز الاجتماع بالإشارة إلى الرسائل التي بعثها الملك محمد السادس إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والتي تؤكد، من جديد، أن الاستفتاء تم تجاوزه وإقباره، وأن مبادرة الحكم الذاتي، في إطار سيادة المغرب ووحدة أراضيه، هي الحل الوحيد لهذا النزاع.