هل يمكن لشيءٍ معبأ في عبوةٍ، سواء كان فيتامين أو أي مكمل غذائي، أن ينشط نظام المناعة لديك ليساعدك على البقاء بصحةٍ جيدةٍ؟

إن فكرة أنه يمكن للفيتامينات المساعد في زيادة المناعة هي فكرة تحمل شيئًا من الصحة، إذ يمكن لها أن تساعد في درء الأمراض والمشاكل الصحية الأخرى، ولكن فقط لدى الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية الحاد. لذا فهي لن تساهم كثيرًا في مساعدتك على البقاء بصحةٍ جيدةٍ في حال كنت بصحةٍ جيّدةٍ بالفعل. وبهذا يمكننا القول بأنك إذا كنت بصحةٍ جيدةٍ، فانسَ المكملات -باستثناء فيتامين د.

لأن معظم الناس في العالم المتقدم يحصلون على ما يكفي من الفيتامينات من وجباتهم الغذائية (ما لم تكن محددةً بنوعٍ غذائيٍّ معين)، فالنباتيون مثلًا أكثر عرضةً لذلك النقص، ولكن هناك استثناء وحيد، وهو فيتامين د.

ففي الواقع، يمكن للعديد من الخلايا المناعية التعرف على فيتامين د بشكلٍ فعّالٍ، ويُعتقد أنه يلعب دورًا مهمًا في كل من الاستجابة المناعية الفطرية والمكتسبة -على الرغم من أن الكيفية تظل غامضة. كما ربطت العديد من الدراسات انخفاض مستويات فيتامين د مع ارتفاع مخاطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي، وتَرافُقها مع ظهور أعراض أكثر حدةً. إضافة إلى تسببه بتطور أمراض المناعة الذاتية مثل التصلب المتعدد.

إن نقص فيتامين د منتشر في العديد من البلدان، حتى البلدان الغنية. هذا ومع حث الناس بالبقاء في المنازل في وضعنا الوبائي الحالي، فمن السهل أن نرى كيف يمكن أن يؤدي نقص التعرض لأشعة الشمس إلى المزيد من النقص. وفي ظل وباء كوفيد-19 covid-19 ازداد التشجيع على استهلاك المكملات الغذائية كمعززات للمناعة، فما هو رأي العلم في هذا الأمر؟
في الحقيقة لا يوجد ما يُدعى بالمناعة المُعززة، ولسوء الحظ، فإن توفير حبوب المكملات أو العادات الصحية لنظام مناعي صحي هو مجرد خرافة، إذ لا يحمل مفهوم “تعزيز” جهاز المناعة أي معنى علمي على الإطلاق.

ومن المفارقات أيضًا أن العديد من منتجات “تعزيز المناعة” تدّعي أنها تقلل من الالتهاب، ولكن جعل الجهاز المناعي أكثر نشاطًا هو أمرٌ مزعجٌ للغاية عبر قيامه بردّات فعل مناعية تجاه الأشياء غير الضارة، فيعاني الجسد بذلك من تبعات رد الفعل المناعي وليس من الجسم الغريب نفسه. على سبيل المثال، تحدث الحساسية عندما تهاجم الخلايا المناعية الأجسام الغريبة غير المضرة بشكلٍ فعّالٍ جدًا، مثل حبوب الطلع. ففي كل مرة يجد فيها الجهاز المناعي هذه المادة، يشغّل الاستجابة المناعية الفطرية أيضًا، ما يؤدي إلى الكثير من العطاس وحكة العينين والتعب العام، وهذا ما لا يفكر فيه الكثير من الأشخاص الذين يدافعون عن هذه العلاجات. أما مسألة إن كان لمضادات الأكسدة أن تساعد فهي مسألة أكثر تعقيدًا بعض الشيء.

تطلق خلايا الدم البيضاء مركباتٍ سامةً من الأكسجين كجزءٍ من الاستجابة الالتهابية. هذه المركبات هي بمثابة سيف ذي حدين، فمن ناحية، يمكنها قتل البكتيريا والفيروسات ومنعها من صنع المزيد من النسخ الذاتية، ومن ناحية أخرى، يمكن أن تتلف الخلايا السليمة، ما يؤدي إلى الإصابة بالسرطان والشيخوخة وإرهاق جهاز المناعة، ولمنع حدوث ذلك، يعتمد الجسم على مضادات الأكسدة والتي تساعد على التحكم في مركبات الأكسجين ذات التأثير الشديد والحفاظ على سلامة خلايانا.

هناك حاليًا تجربة قيد العمل لاختبار قدرة مضادات الأكسدة على مساعدة الأشخاص الذين يعانون من كوفيد-19 Covid-19 على التعافي. ولكن تبقى هذه التجربة واحدةً من مئات التجارب التي تبحث في العلاجات المحتملة لـ Covid-19.

استراتيجيات للبقاء بصحة جيدة


إذا كنت لا تستطيع مساعدة جهازك المناعي عبر هذه الحبوب والمكملات الغذائية، فما الذي يمكنك فعله لتقليل المرض هذا الشتاء؟

إن الاختلافات بين الأشخاص الذين نادرًا ما يمرضون والأشخاص المرضى طوال الوقت قد يكون لها علاقة بالعادات التي يفعلونها أكثر من الوظيفة المناعية، وفيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك في ذلك:

  • نظف يديك: في حين تنتقل بعض الجراثيم عبر الهواء، لكن كثيرًا من الأحيان يحدث المرض بعد لمس سطح ملوث. لأنه غالبًا ما تنتقل الجراثيم من يديك إلى عينيك أو أنفك أو فمك، لذا احرص أيضًا على عدم لمس وجهك.
  • حافظ على صحة جسدك العامة: يمكن أن يساعد الحفاظ على نظام غذائي صحي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم بالحفاظ على عمل جسدك وجهازك المناعي بشكلٍ جيّدٍ.
  • السيطرة على التوتر: أظهرت الأبحاث أن مستويات التوتر المرتفعة قد تضعف جهاز المناعة. لذلك، كلما أمكن، حاول أن تكون على دراية بمستويات التوتر لديك واعمل على خفضها عندما ترتفع أكثر من اللازم.
  • تناول تطعمياتك: التطعيم ضد الأنفلونزا والأمراض الأخرى يحفز جهاز المناعة على الحماية من المرض، إذ توجّه اللقاحاتُ الجهازَ المناعي للتعرف على مسببات أمراض معينة وإعداده للدفاع في حالة مواجهتها.

خلاصة القول هي أنه بصرف النظر عن اللقاحات، لا يوجد حقًا ما يمكنك القيام به لتحسين جهاز المناعة لديك، لذلك من الأفضل تجنب الحبوب الدوائية.

يقول Starnbach ستارنباخ: “نعم، إن هذه المكملات قد لا تسبب لك ضررًا، ولكن يمكنك أن تستمتع بأموالك بشكلٍ أكثر إذا كنت ستستخدمها في شي آخر”.

nasainarabic.net