اعتبر منتدى الشباب القروي، ضمن تقرير لبحث ميداني حول ظاهرة الهدر المدرسي، الذي أنجزه في ثلاث جماعات ترابية بإقليم تارودانت، أن الظاهرة تعد من الخصائص الهيكلية التي تطبع النظام التعليمي المغربي، ومن أكبر المعيقات التي تعرقل تطور العملية التعليمية بجميع مراحلها والتي تسببت في نزيف كبير للموارد البشرية، وهي ظاهرة مركبة تشمل مجموعة من العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

وحسب اللقاءات والمقابلات التي أجرتها الجمعية مع عدد من الآباء والأمهات بشكل مباشر في جماعات تافنكولت وأوناين وتيزي نتاست، فإن أسباب الهدر المدرسي تتنوع بين أسباب اجتماعية وثقافية واقتصادية ونفسية، وتربوية وجغرافية وبنيوية تنظيمية؛ وهي أسباب يمكن، حسب المنتدى، إسقاطها على مجموع التراب الوطني.

الأسباب الاجتماعية والثقافية تتجلى، حسب التقرير، في سيادة بعض الأفكار الخاطئة حول تدريس الفتاة القروية، حيث ترى بعض الأمهات أن الفتاة يجب أن تتعلم الأعمال المنزلية وبعض الأنشطة الممارسة في المنطقة، وهذا كفيل لها بحياة زوجية ناجحة أما الدراسة فهي شيء ثانوي، إلى جانب أمية الآباء وغياب علاقات التواصل مع الأسرة، ورفض بعض الآباء لتمدرس الفتاة والغياب المتواصل للآباء عن البيت، والعنف داخل الأسرة، والانحراف الأخلاقي لبعض التلاميذ والتلميذات، فضلا عن مسألة الزواج المبكر التي تعد من بين الأسباب التي توقف مسيرة الفتاة الدراسية عند مراحلها الأولى.

أما الأسباب الثقافية فتتعلق أساسا بنظرة السكان القرويين للمدرسة؛ فالعادات والتقاليد تلعب دورا مهما، فقد نجد أسرا أحيانا تشجع أبناءها وبناتها على التمدرس خلال المرحلة الابتدائية فقط، وفق التقرير الذي تتوفر عليه هسبريس.

الأسباب الاقتصادية تتجلى في الفقر والحاجة، والدخل المحدود للأسر، وضعف الموارد المالية للتكفل بدراسة الأبناء، هذا إضافة إلى تشغيل البعض منهم للأطفال في أعمال الفلاحة وغيرها من الأعمال، وتكليف الفتيات بأعمال البيت، إلى جانب غياب النقل المدرسي أو محدوديته.

وربط البحث الميداني تفشي ظاهرة البحث الميداني بالوسط القروي إلى ضعف تغطية المدرسة لحاجيات تمدرس الطفل، مشكل الطاقة الاستيعابية بدور الطالب، وعدم جاذبية الفضاء المدرسي وقلة الأنشطة المدرسية والترفيهية وغياب القسم الداخلي بإعدادية تيزي نتاست خصوصا.

الأسباب الجغرافية تتجلى في بُعد المؤسسات التعليمية عن سكن التلاميذ، وتشتت السكن، وصعوبة المسالك وانعدامها أحيانا، وقساوة الظروف المناخية خصوصا بالمناطق الجبلية.

وفي جانب آخر، تطرق التقرير إلى أسباب تنظيمية وتربوية تتجلى في ضعف قدرة بعض التلاميذ على مواكبة وتيرة الدراسة، ومنح غير كافية لتغطية كافة الوافدين عن المؤسسات، وإقصاء بعض الدواوير من الاستفادة من خدمات دار الطالب، وعدم جاذبية الفضاء المدرسي وقلة الأنشطة المدرسية والترفيهية؛ وهو ما يجعل التلاميذ يخرجون إلى المجال الغابوي المحاذي للمؤسسة (إعدادية تيزي نتاست) وبجنبات الطرق أمام المؤسسات، إلى جانب ضعف نجاعة تسيير دار الطالب بكل من تافنكولت وتيزي نتاست، وتخبطها في مشاكل داخلية من لدن الجمعيات المسيرة، وارتفاع تكلفة التدريس بالنسبة للفئات المعوزة.

hespress.com