على الرغم من ارتباط مفهوم العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج بالقيم الأخلاقية وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وعادات وتقاليد المجتمع المغربي الإسلامي المحافظ، فإن فئة كبيرة من الجنسين تقبل على “سكس فراند” سرا وعلانية، وتعرف العلاقات الرضائية بالمغرب استفحالا ورواجا كبيرا وسط أفراد المجتمع.
العذرية في مهب الريح
داخل شقق مفروشة، وفي كثير من المدن، يميل عدد لا يستهان به من المغاربة إلى نسج علاقات رضائية، تحت مسمى التحرر والحرية أو الغريزة، حتى بات “سكس فراند” مصطلحا شائعا وصارت معه العذرية في مهب الريح وعلى كف عفريت.
“وثقت به، كان أستاذي بالمرحلة الثانوية، كانت نظراته تبوح بشيء لم أكن أدري نوعيته أ إعجاب أم حب أم مجرد نزوة؟ أخذت الأمر على محمل الجد. كان اللقاء الأول بيننا، بعد الباكالوريا بمدينة مرتيل، مختلفا عن باقي اللقاءات والحصص الدراسية؛ فمن كان أستاذا أصبح حبيبا ومعجبا، وسقطت كل الحواجز والرسميات”، تقول هاجر طالبة جامعية.
تكررت اللقاءات والمواعيد من هنا إلى هناك “ومن هادي لكارو”، تضيف خريجة جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، أن العلاقة تقوت وتطورت بتوالي اللقاءات والاتصالات، وزادت: “لم يخطر على بالي ما كان يضمر. وفي أحد الأيام، اكترى شقة في مدينة مرتيل واقترح أن نقضي يوما سويا؛ غير أن الأمور لم تسر على النحو المطلوب، فلمسة فقبلة ثم حضن إلى أن سلمت له نفسي بعدما خرجت الأمور عن السيطرة وفقدت بكارتي وعذريتي في تلك الجلسة الملعونة”.
وتواصل الفتاة حديثها: “خارت قواي لم أقو على تصديق الأمر، بكيت وندمت بزاف وترجيتو يواعدني مايسمحش فيا راني ثقت فيه؛ لكن سرعان ما تلاشت الأحلام الوردية مع افتضاض البكارة وذبلت الوعود، وما هي إلا شهور حتى توارى عن الأنظار بعدما خفت وهج العلاقة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه إلى إنكار أية علاقة تجمعنا”.
تناقض وانفصام
سارة أستاذة تعليم ابتدائي قالت لهسبريس “إن العلاقات الرضائية بالمغرب صارت واقعا وأمرا جاريا به العمل بصفة طبيعية، ولم يعد الجنس بتلك التعقيدات التي كان عليها في الأمس القريب”، واستدركت: “لكن بما أننا في بلد يؤمن بالحريات الفردية؛ فكل واحد ينعس على الجنب اللي يريحو”، وفق تعبيرها.
وأضافت المتحدثة ذاتها أن “الأمور تغيّرت وسط المجتمع المغربي الذي يصنف تجاوزا ومجازا بالمحافظ، حتى أصبحت الفتاة أو الشابة العفيفة أو الرافضة لمفهوم “المصاحبة” تنعت بالمعقدة والرجعية والمتخلفة في أحيان كثيرة”.
واستغربت المتحدثة نفسها من “حجم التناقض والانفصام في الشخصية الذي يطبع مسألة زواج الشباب الذين عاشوا فترة المراهقة طولا وعرضا وعاثوا فسادا، إذ يرفض الباحث عن نصفه الآخر الارتباط بشابة من اللواتي نسج معهن علاقات رضائية، بمبرر البحث عن زوجة مستقبلية تكون أما لأولاده ويشترط العفة قبل كل شيء. وهنا تجد الفتاة نفسها وسط مأزق، خاصة أن عقلية الرجل المغربي والمشرقي لا تحبذ “عابرات السرير زوجات لهم”، تشدد سارة.
القانون يجرم والدين يحرم
وفي الوقت الذي يرفع رافضو الجنس خارج الزواج شعار “الحلال جميل سأصبر وأصوم”، فإن مؤيدي العلاقات الرضائية يرفعون شعار “الحلال مكلف”؛ وبين هذا وذاك لا تتقبل عقلية الرجل العربي زوجة فاقدة للعذرية أو سبق أن عاشت تجارب جنسية وينسى كل شعارات الحرية والتحرر ويرفع شعار “أريدها عذراء”.
أيوب البعناني، محام بهيئة القنيطرة، قال إن العلاقات الرضائية أو جريمة الفساد وفق القانون الجنائي المغربي تطرح إشكالا قانونيا فيما يخص مراجعة القانون الجنائي، لا سيما بعد تقديم مقترح قانون يهدف إلى رفع التجريم عن العلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين.
وأضاف المحامي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن القانون الجنائي الحالي يجرم العلاقة الجنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة زواج ويصنفها “جريمة فساد”، حتى وإن تمت هذه العلاقة بشكل رضائي وبين راشدين ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة.
وأكد المتحدث ذاته أن دستور 2011 خصص الباب الثاني كاملا للحريات والحقوق الأساسية. كما أن المغرب يلتزم دستوريا بسمو المواثيق الدولية على القوانين الداخلية؛ وهو ما يجعل الموضوع محط إشكال قانوني.
من جانبه، قال محسن اليرماني، باحث في سلك الدكتوراه، إن الإسلام حرم العلاقة الجنسية خارج مؤسسة الزواج حفظا للأعراض، وتحصينا للفرد من معصية الزنا، وصونا للمجتمع من تفشي الفواحش والفساد والجرائم، ومنعا للاختلاط الأنساب. وفي المقابل، أباح الزواج باعتباره ميثاقا يتضمن إشباع الغريزة الجنسية في الحلال، معتبرا التراضي بين الرجل والمرأة ركنا مهما في الزواج، إلا أن هذا الركن وحده لا يبيح للرجل والمرأة إقامة علاقة جنسية بل يجب الإتيان ببقية أركان الزواج وشروطه؛ كالصداق والإشهاد والولي وإشهار الزواج.
وعليه، يؤكد اليرماني، فإن الرضائية في العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة لن ترقى إلى مستوى الزواج؛ فالزواج مؤسسة تكفل للزوج والزوجة حقوقا يضمنها الشرع والقانون. كما أن العلاقات الرضائية لا يترتب عنها أية مسؤوليات؛ في حين نجد أن الزواج يتحمل فيه كل من الزوج والزوجة مسؤوليتهما التي أوجبها عليهما عقد الزواج والنكاح.