منذ عام 2016 والأوساط الأوروبية تحاول إقناع المغرب بتشييد مراكز لاستقبال المهاجرين تابعة للاتحاد الأوروبي، بينما ترفض الرباط هذا المقترح لدواع أمنية ولوجستيكية. وخلال الفترة الأخيرة، أعادت بروكسيل التّرويج لهذه الورقة، ما دفع السّلطات المغربية إلى إعلان رفضها مجدّدا لهذا النّوع من التّعاطي مع تدفّقات المهاجرين.

ويحاول الأوروبيون نقل خطّة بروكسيل إلى المغرب لمواجهة تدفقات الهجرة غير الشّرعية، بينما تؤكد سلطات المملكة أنّها ترفض الحلول السّهلة التي تؤدّي إلى نتائج عكسية. ويحاول الاتّحاد الأوروبي في إطار خطة معالجة الهجرة دعم المغرب ماديا من أجل تشييد مراكز لاستقبال المهاجرين أو “منصات النزول خارج أوروبا” التي كان من المقرر مناقشتها خلال القمة الأوروبية حول الهجرة.

وبينما انخفض عدد المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط إلى النصف منذ بداية عام 2020 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، تضاعف الرقم ثلاث مرات في إسبانيا، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة. وتدعو أوروبا إلى تعزيز التعاون مع المغرب في قضية الهجرة، خاصة بعد التوقيع على اتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب تنص على دعم الرباط بحوالي 390 مليون درهم على مدى أربع سنوات.

وكان المغرب اشترط الحصول على عائدات مالية بقيمة حوالي 60 مليون يورو من أجل الانخراط في أكبر عملية تقودها الدول الأوروبية لمكافحة الهجرة غير النظامية التي تنشط خلال هذه الفترة من السنة، ووعدت بعد ذلك المفوضية الأوروبية بالإفراج عن مبلغ مالي يُقدر بـ55 مليون يورو من أجل تمويل برامج تدبير الحدود في المغرب وتونس.

وقال رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان عبد الإله الخضري إنّ “رفض المغرب تشييد مراكز استقبال المهاجرين الأفارقة يرجع إلى دواع أمنية بالدرجة الأولى، خاصة وأن تجارب عديدة لتجميع الأفارقة في مناطق معزولة في مدن مختلفة بالمغرب باءت بالفشل، بل نجم عنها صراعات وانفلات أمني خطير، سواء بين الأفارقة أنفسهم أو مع نظرائهم المغاربة”.

وعاد الحقوقي المغربي إلى أحداث محطّة أولاد زيان بمدينة الدار البيضاء ليؤكّد مدى صدامية المهاجرين، مشيراً إلى أن “غالبية الأفارقة يريدون الحرية، بل التسكع في الشوارع، وكراء مساكن عشوائية والذوبان داخل الأحياء الشعبية بين الشرائح الاجتماعية المهمشة والعريضة في المجتمع المغربي، ويتقاسمون معهم الكثير من مظاهر عيشهم اليومي”.

واعتبر الحقوقي ذاته أن المهاجرين يجدون في هذه الأجواء ملاذهم الآمن إلى حين تتاح لهم فرصة الهروب نحو الضفة الشمالية، مبرزا أن “إحداث مراكز لاستقبال المهاجرين الأفارقة لن يكون له أثر حقيقي على الأرض، بل سيكون عبئا أمنيا إضافيا، وربما تنجم عنه حوادث أخرى”.
من جهة أخرى، يرى الحقوقي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المغرب بحاجة ماسة بالدرجة الأولى إلى مراكز لإيواء المشردين وأطفال الشوارع المغاربة، بدل الاقتصار على الحديث عن المهاجرين الأفارقة”.

hespress.com