على بُعد بضعة كيلومترات من عاصمة جهة بني ملال خنيفرة، تقبع قرية آيت سعيد ويشو، التابعة لجماعة فم أودي بإقليم بني ملال، في عزلة تامة عن العالم الخارجي، جراء وضعية مقطع طرقي يمتد على طول حوالي ستة كيلومترات ونصف الكيلومتر.
عزلة جعلت سكان قرية آيت سعيد ويشو الموجودة تحت جبال الأطلس الشامخة ووسط طبيعة ساحرة، تأمل، بعد فشل عدد من المجالس الجماعية المتعاقبة على تسيير الجماعة في تلبية مطالبها، في أن تأتي مبادرة من الدولة لإنجاز هذا المقطع الطرقي، رغبة في أن تنتعش المنطقة من عائدات السياحة الجبلية.
حجوي زايد، رجل سبعيني، متقاعد، من سكان القرية سالفة الذكر، قال، في تصريح لهسبريس، إن السكان ما فتئوا، منذ أزيد من 20 سنة، يطالبون بالإسراع في برمجة تعبيد هذا المقطع الطرقي الرابط بين أفاديس وإحسنت والطريق المؤدية إلى بني ملال والمناطق المجاورة، خاصة بعد استفادة العشرات من القرى من مشاريع تنموية مماثلة.
وأضاف زايد: “نسمع كثيرا عن مشاريع فك العزلة وعن مئات الملايين من السنتيمات التي جرى رصدها لمشاريع مماثلة بقرى أقل كثافة من آيت سعيد ويشو، ونحن يئسنا من الانتظار والوعود الزائفة، إلى درجة أننا لم نعد نسمع عما نطالب به إلا خلال الحملات الانتخابية”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “هذا المقطع الطرقي يعدّ الحبل الرابط بين آيت سعيد ويشو ومركز جماعة فم أودي ومدينة بني ملال، وبدونه لا يستقيم الحديث عن شروط الحياة الطبيعية بالمنطقة؛ فالسكان يستعملونه من أجل التبضع وجلب كل الحاجيات اليومية من مواد غذائية وعلف للبهائم وكذا للترويج للمنتجات والمواشي والدواجن.
ويوضح الرجل السبعيني المتقاعد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المقطع الطرقي المذكور يشكل آلية من آليات دعم التمدرس والحد من الهدر المدرسي. ولا أدل على ذلك توقف العشرات من المتمدرسين، خاصة الفتيات عن التعلم أثناء التساقطات المطرية في غياب وسائل النقل المدرسي التي يستحيل عليها ولوج المنطقة- حتى لو وجدت- جراء وضعية الطريق المذكورة”.
ومما يزيد من معاناة سكان قرية آيت سعيد ويشو أن سائقي وأصحاب مختلف وسائل النقل، باستثناء بعض الشاحنات، يرفضون ولوج الدوار؛ ما يقتضي من السكان، وخاصة النساء، قطع هذا المسلك المتحجر لجلب حاجياتهن من الماء الشروب، سواء من ثقب مائي موجود بالمنطقة أو مما توفره شاحنات صهريجية مخصصة لهذه المهمة.
ويقول حسن هموشي، واحد من المهتمين بالشأن المحلي قرية آيت سعيد ويشو: “لا شيء يتغير في هذه القرية التي تتوفر على مؤهلات طبيعية وسياحية خلابة، على عكس ما نلاحظه ببعض القرى النائية بأزيلال التي استفادت من برامج تنموية متعددة أدت إلى إحداث تغييرات مهمة في بنيتها التحتية، خاصة على مستوى الطرق والمسالك وشبكات الماء والكهرباء والمرافق المحدثة لفائدة المرأة والفتاة”.
ويضيف المتحدث: “بدوار آيت سعيد ويشو، يأمل السكان في الإسراع بإصلاح هذه المقطع الطرقي، وفي إحداث سيارات النقل المدرسي وآبار مجهزة بمضخات لمد السكان بشبكة الماء الشروب، وإحداث مركز للفتاة والمرأة وأقسام للتعليم الأولي، ومستوصف صحي، مع دعم الشباب بمنشآت سياحية قصد ضمان استقرار السكان بالمنطقة”.
وفي معرض تعليقه عن الموضوع، قال محمد عليلة، رئيس جماعة فم أودي، إن المجلس الجماعي الذي يرأسه وضع من ضمن أولوياته مشاريع فك العزلة عن كافة القرى بتراب الجماعة؛ وهو ما جعله يقوم بمجموعة من الدراسات التقنية للمسالك والطرق المراد إنجازها بُغية الترافع عنها لدى باقي المؤسسات العمومية المنوط لها تمويل هذا النوع من المشاريع.
وكشف المسؤول الجماعي ذاته أن فتح المسالك بقرى ذات تضاريس وعرة يتطلّب تكاليف مادية كبرى؛ وهو ما يستدعي تدخل باقي الشركاء في التنمية المحلية في إطار شراكات لإنجازها خاصة في الظرفية الحالية، حيث تشكو الجماعة الترابية لفم أودي منذ السنة المالية 2016 من عجز مالي مهم.