أفرز ورش إصلاح الحقل الديني الذي باشره المغرب غداة التفجيرات الإرهابية التي استهدفت الدار البيضاء، من أجل محاصرة الفكر المتطرف، جملة من المتغيرات على عمل القيميين الدينيين وعلى وضعيتهم الاجتماعية كذلك.
منذ الشروع في تفعيل إصلاح الحقل الديني، أصبح القيمون الدينيون من أئمة المساجد والخطباء، في جميع مناطق المغرب، يخضعون لبرنامج تأهيل في إطار خطة ميثاق العلماء، الذي أعطى الملك محمد السادس انطلاقته سنة 2009.
في الجانب المادي، أصبح القيمون الدينيون يحصلون على تعويض شهري من طرف الحكومة، بعدما كانت مداخيل الأئمة والخطباء تتأتى في السابق مما يدفعه لهم الناس من تعويض سنوي، أو ما يعرف في العُرف المغربي بـ”الشرط”.
ويظهر من دليل مساطر تدبير الموارد البشرية، الذي أصدرته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حصول تغيرات كبيرة في مجال عمل القيميين الدينيين بعد مباشرة إصلاح الحقل الديني، حيث أصبح التعاقد مع القيمين الدينيين يتم بناء على شهادات معترف بها.
يشير الدليل المذكور في المحور المتعلق بتوظيف الأئمة المرشدين والمرشدات بموجب عقود إلى أن القيمين الدينيين الذين يمكن التعاقد معهم، وفق المناصب المالية المحدثة لهذا الغرض، يشترط فيهم أن يكونوا مستوفين لشروط معينة؛ في مقدمتها أن يكونوا حافظين لكتاب الله، وأن يكونوا متمتعين بحقوقهم الوطنية.
في الجانب العلمي، يشترط في القيمين الدينيين أن يكونوا حاصلين على شهادة الإجازة أو الإجازة في الدراسات الأساسية أو الإجازة المهنية المسلمة من إحدى الجامعات المغربية، أو على شهادة إجازة دار الحديث الحسنية في علوم الدين، أو على شهادة العالمية في التعليم العتيق، أو على شهادة أخرى معادلة.
يشترط كذلك في القيمين الدينيين الذين يمكن أن تتعاقد معهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ألا تقل مدة مزاولتهم لمهمة الإمامة أو مهمة الإمامة والخطابة عن أربع سنوات، وألا يتجاوز سنهم على الأكثر خمسين سنة في تاريخ إبرام العقد.
وانتقلت الوضعية المادية للقيمين الدينيين المتعاقدين مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من الاعتماد على ما يقدم لهم وفق عرف “الشرط” و”الإحسان”، كما كان سائدا قبل مباشرة إصلاح الحقل الديني، إلى وضعية جديدة تقوم على مبدأ الأجر الشهري، على غرار نظام الموظفين.
ويفيد دليل مساطر تدبير الموارد البشرية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بأن القيمين المتعاقد معهم يتقاضون، في متم كل شهر، الأجرة والتعويضات العائلية وجميع التعويضات ذات الصبغة الدائمة المخولة للمتصرفين من الدرجة الثانية.
وكان المغرب قد بلور خطة لإصلاح الحقل الديني بعد أن اكتوى بنيران التفجيرات الإرهابية عام 2003، بهدف جعل القيميين الدينيين، من أئمة وخطباء، يمارسون مهامهم في إطار منظومة منسجمة تؤطرها قواعد موحدة لتحقيق الطمأنينة الروحية للمغاربة.