لعب جاريد كوشنير، صهر الرئيس ترامب وكبير مستشاريه، الذي بات محسوبا ضمن أصدقاء المغرب، دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الخليجية لطي صفحة الخلاف بين الإخوة في الشرق الأوسط، وقد كان للمغرب بعد نظر كبير عندما فضل التعامل على أعلى مستوى مع هذا المستشار دون غيره، وقد تتأكد صحة وجهة نظر المغرب في اختيار أصدقائه مستقبلا في حال ما إذا تم ترشيح جاريد كوشنير للعب أدوار أكبر إذا اكتملت ولاية الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن على خير.

طيلة صباح اليوم، أجرى جاريد كوشنير اتصالات هاتفية عدة لمحاولة الدفع في اتجاه تسوية كاملة للخلاف بين الدول الخليجية، بعد أن نجحت الكويت في تحقيق الخطوة الأولى نحو المصالحة بإعلان إعادة فتح الحدود والمجال الجوي بين قطر والسعودية، وهي الحدود التي ظلت مغلقة منذ يونيو 2017 بعدما قررت كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر تزعم المبادرة الخليجية لمقاطعة دولة قطر.

ولأن الدول الخليجية كلها دول صديقة للمملكة، خاصة مع وجود علاقات عريقة مع الملوك المغاربة، فقد كان من الطبيعي أن يختار المغرب عدم النفخ في الخلاف بين الإخوة، وقد تفهمت العائلة الخليجية الموقف المغربي، حتى إن الطائرة الوحيدة التي أقلعت من الإمارات نحو الدوحة في عز الأزمة، خلال شهر نونبر 2017، كانت هي الطائرة التي حملت الملك محمد السادس.

وقتها، كتبت جريدة “العرب القطرية”: “أهلا كاسر الحصار”، وهي الجملة التي تحولت فيما بعد إلى عنوان للاحتفال بزيارة الملك إلى الدوحة.

منذ 2017 إلى اليوم، حافظ المغرب على علاقات متميزة مع أصدقائه في الخليج، كما حافظت الدول الخليجية على علاقتها مع المغرب. ومن ثم، لم يكن غريبا أن تصطف هذه الدول إلى جانب الجيش الملكي في معركة تأمين معبر الكركرات، وما سبقها من تطورات لصالح قضية الصحراء، حيث بادرت دولة الإمارات العربية المتحدة بافتتاح قنصلية لها في مدينة العيون، قبل أن تتبعها دولة البحرين في اتخاذ الخطوة نفسها التي ستقبل عليها دول أخرى بلا شك في إطار المصالحة الشاملة.

من خلال تدبير علاقته مع الرئيس دونالد ترامب، والتفاعل بالشروط المغربية مع مقترحات صهره جاريد كوشنير، ومن خلال صيانة علاقاته الدبلوماسية مع الدول الخليجية، أكد المغرب بعد نظر لم يكن يتوقعه أحد، واستطاع المرور بسلام بين المنعطفات الخطرة، وهو ما مكنه من كسب نقاط أخرى في ملف وحدته الترابية، كما كسب احترام خصومه قبل أعدائه. وحدهم الذين راهنوا على خراب الدبلوماسية المغربية، خسروا رهانهم نتيجة التسرع، وهي الصفة غير الموجودة في نظام عريق مثل النظام المغربي.

وأخيرا، ولأن المصالحة تأتي دائما لتنبه إلى العدو الحقيقي، فإن الحرب المقبلة ستكون على عدو مشترك، والعدو المشترك هو ذاك الذي راهن على نجاح البوليساريو، ودرب مقاتليه على حرب خاسرة من أساسها، والفاهم يمكن أن يفهم ذلك بوضوح من خلال البيان الذي صدر اليوم باسم القمة الخليجية الـ 41 التي انعقدت بمدينة العلا السعودية، وقد كان عنوانه “التضامن والاستقرار”، الخليجي والعربي والإسلامي.

والمؤكد أن قمة السلطان قابوس والشيخ صباح تشكل ضربة مباشرة لإيران والجزائر على ما يصنعانه ضد السلام. ومن أراد التأكد من ذلك، ما عليه سوى أن يقرأ عبارات دعم السيادة المغربية في البيان الصادر عن القمة التي حضرها كافة قادة الخليج دون استثناء، وحضرها جاريد كوشنير أيضا.

hespress.com