انطلاقا من أمل في تحسن أوضاع عيش المواطنين المثليين، واستنكار لما خلال فترة الحجر الصحي من كشف لعدد منهم كانوا يعيشون بوجه غير مكشوف، اجتمعت أقلام من داخل المغرب وخارجه في كتاب جديد.
وشارك في هذا الكتاب المنشور باللغة الفرنسية بعنوان “L’amour fait loi” (الحب قانون، أو الحب محدد القانون)، أسماء من قبيل: عبد الله الطايع، صونيا التراب، ليلى السليماني، زينب فاسيكي، أيوب الصغير، سارة حجازي، وهيئة “خارجة على القانون”.
وتعود مقدمة الكتاب إلى أبريل 2020، بعد أقل من شهر من انطلاق الحجر الصحي، عندما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب “موجة معادية للمثليين”، عقب نداء لـ”مؤثرة” متحولة جنسيّا، دعت إلى الكشف عن عدد ممن كانوا يعيشون مثليتهم بعيدا عن الأنظار، باستعمال تطبيقات تعارف بين المثليين.
وجاء في مقدمة الكتاب أن مثل هذه الأفعال تؤدي إلى مآس حقيقية، لأن هذه الدعوة للكراهية تمت في بلاد تجرم “الحب بين شخصين من نفس الجنس”، مع ما يرافق ذلك من تهديدات، ومساومات، وعنف جسدي، وطرد من مكان السكن الأسري، وخسارة للشغل، والانتحار.
وجمع هذا الكتاب عددا مما كتب لمساندة المتضررين من هذا “الإعلان المكره” عن توجههم الجنسي، من رسائل تضامنية، ومقالات، ونداءات في المدونات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى نصوص أخرى وحوارات وبيانات أضيفت للكتاب الذي تتجاوز مواده الثلاثين نصا.
ويتضمن هذا المنشور الجديد مقالات توثق للحادث، ويوميات مثليين، وآراء فنانين، وباحثين، وصحافيين، في وضعية المثليين، وصعوبات عيشهم في المغرب، وتعبر عن أمل في أن يعيشوا حياة عادية في بلادهم.
كما يتضمن صورا كاريكاتورية وفوتوغرافية لمغاربة ضد استهداف المثليين، وعن الأمل، والمعيش اليومي لمثليين.
ومن بين هذه المقالات، نصوص تدعو إلى مشاركة الحب أمام الكراهية، وتفرق بين أن تولد في المغرب وأن تولد في المغرب مثليا، نظرا لما يعيشه المثلي والمثلية من تحرش، وتعيير، وكراهية، وسخرية، وأشياء أخرى “كلها أصبحت معتادة”.
كما تتحدث نصوص أخرى عما يخلقه الاختلاف من “مقاومة”، وتنبه أخرى إلى الحاجة إلى مقاومة “كويرية”، تكون فيها كل ألوان قوس قزح محترمة ومقبولة.
وفي هذا المؤلف الجماعي، وجه الروائي عبد الله الطايع رسالة إلى “مثلي شاب مغربي”، خلال زمن “كورونا”، والجدران المغلقة، يتحدث فيها عن تجدد القسوة كلما تعلق الأمر بالمثليين في المغرب، وما تمثله واقعة الكشف عن هوية عدد من المثليين المغاربة من زعزعة لهم، في طريقة جديدة لثني ركبهم، انطلاقا من اعتبارهم العدو الذي تجب مواجهته.
ووعد الطايع في هذا النص ذاك الشاب المثلي بأنه سيربح المعركة، ويحضه على البقاء حيا، بالحب الذي فيه، ومعرفة أنه في الجانب الصحيح، رغم اضطراره لتمثيل دور شخص هو ليس عليه في دكتاتورية الغيريين.
وكتبت الرسامة زينب فاسيكي عن ثقافة رهاب المثلية “الموجودة في المغرب في كل مكان”، وعن الحاجة إلى حلول جذرية من أجل إلغاء تجريم المثلية، و”الحاجة إلى شعب” يؤمن بالتعدد، واللائكية، وهو ما تتأسف “أننا لن نصل إليه إلا بعد أجيال”، قبل أن تعود لتؤكد أن الحب، بالرضا، لا يمكن أن يكون جريمة أبدا؛ لأنه تجربة روحية للإنسان الحق في عيشها.