لم يكن الشاب محمد أبو الفداء، ذو الأربعين سنة، يخال نفسه أن الضيعة الفلاحية التي قضى فيها رفقة والديه وشقيقته ما يفوق الثلاثين سنة، سيحكم عليه بالطرد منها رفقة الأم والأخت، ومغادرة المكان الذي ترعرع واشتغل فيه طوال هذه السنين.

بنفوذ الجماعة الحضرية لسيدي بوعثمان، بإقليم الرحامنة، توجد ضيعة فلاحية بحي النخلة، ذات الرسمين العقاريين عدد 9928/م وعدد24043/م، تعود ملكيتها إلى خليفة لحياوي الذي وافته المنية قبل أسابيع، قضى بها محمد عمره ولم يغادرها حتى حدود اليوم، لكن الحكم شكل صفعة له ولوالدته وشقيقته.

لم يخطر ببال محمد ووالدته خدوج زروال أن يتوصلا يوما باستدعاء، صاحبه ليس سوى الراحل خليفة لحياوي، يفيد بأنه تفاجأ بكونهما يحتلان العقارين دون وجه حق، ملتمسا من المحكمة الابتدائية بابن جرير إصدار أمر بطردهما.

القضاء الاستعجالي بالمحكمة الابتدائية المذكورة سيصدر حكما في الـ22 من يوليوز 2020، في الملف عدد 2020/1101/60، يقضي بقبول طلب المدعي، والحكم بطرد الأم خدوج زروال وابنها محمد أبو الفداء، تحت طائلة غرامة قدرها مائة درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ.

يقول محمد في حديث لجريدة هـسبريس الإلكترونية إنه تفاجأ رفقة والدته واخته بهذا القرار، الذي يضرب في العمق السنين الطويلة التي قضوها قبل وبعد وفاة والده الذي كان يشتغل بالضيعة، حيث بقي رفقة أمه وشقيقته يشتغلون بها.

ويردف هذا الشاب، في تصريحه، أن هذه السنين الطويلة التي تصل إلى ثلاثة عقود، قضوها في الاشتغال لدى مالك الضيعة، عبر القيام بالأشغال الفلاحية وتربية البقر، إلى جانب الاشتغال في “الطاحونة”.

وأوضح المتحدث أن والدته، البالغة من العمر ستين عاما، أفنت عمرها رفقة زوجها وبعد وفاته في العمل داخل هذه الضعية، مشيرا إلى أنهم لم يكونوا يتوصلون بتعويض عن ذلك، سوى ما يتعلق بالأكل والإقامة داخل غرفتين بالمكان المذكور.

قبل أيام، سيجد الشاب محمد ووالدته وشقيقته أنفسهم أمام مأمور إجراءات التنفيذ، مرفوقا بالقوات العمومية، قصد تنفيذ قرار الإفراغ، ما جعل القضية تصير حديث الرأي العام المحلي، ويتم تداولها بمواقع التواصل الاجتماعي.

وخرجت جمعيات المجتمع المدني بسيدي بوعثمان ببيان تضامني مع الأسرة المذكورة، أعلنت فيه وقوفها بجانبها، بالنظر إلى علمها بأن الأم وابنها وشقيقته “كانوا يتحملون جميع أتعاب ومشاق خدمات الضيعة المذكورة، من سقي لأشجار الزيتون وإسطبل الأبقار والقيام بجميع الواجبات المنزلية لمالك الضيعة لكونه بقي وحيدا”.

ولفتت الجمعيات الموقعة على البيان، الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، إلى أن ادعاء المدعي احتلال الأسرة للعقار “مجانب للصواب، وأنها تقطن بسكن تقليدي طيني لا يتوفر على أبسط شروط السكن اللائق، وأن كل منتوجات الضيعة الفلاحية يستغلها مالكها وأبناؤه في حين إن أمنا خدوج زروال وابنيها مجرد مشتغلين لديه”.

كما عبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عبر فرعها بابن جرير، عن تضامنها مع هذه الأسرة، مُطالبة بإنصافها وتغليب منطق روح القانون.

من جهتها، لطيفة لحياوي، ابنة صاحب الضيعة، قالت في تصريح لهسبريس إن المعنيين بالأمر عاشوا في هذا الفضاء، وإن القضاء هو من أصدر القرار في حقهم، مشيرة إلى أن والدها كان يرأف بهم من حيث الأكل والشرب، وذلك بعدما قدم إليه رب هذه الأسرة قبل وفاته يطلب الإحسان.

ولفتت لحياوي، وهي عضو بالمجلس البلدي لسيدي بوعثمان، إلى أن ادعاءات الأسرة المذكورة سيحسم فيها القضاء، قائلة: “نحن نحترم القضاء وهو الفيصل بيننا، وإذا حكم لصالحهم بشيء فنحن سنقبل به”.

وشددت ابنة الراحل مالك الضيعة على أنهم “كانوا يطلبون منه مبلغا ماليا، علمنا بذلك خلال فترة الحجر الصحي عندما قمنا بنقله للعيش معنا في مراكش”، مضيفة بخصوص مطالبتهم بالحصول على تعويضات الشغل على هذه السنين: “نحن أبناء المرحوم، لا نعرف ما إن كان يقوم بأداء واجباتهم من عدمه، كنّا نزوره بين الفينة والأخرى، ولا علم لنا بالحيثيات”.

hespress.com