سجل المغرب تراجعا في مؤشر إدراك الرشوة برسم سنة 2020، حيث احتل الرتبة 86 ضمن 180 بلدا، محصلا على أربعين نقطة من أصل 100 نقطة، ما جعله يتراجع بست مراتب ويفقد نقطة واحدة مقارنة مع سنة 2019، وذلك وفق المعطيات التي قدمتها الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارانسي)، الخميس، في ندوة صحافية بالرباط.

وقالت “ترانسبارانسي المغرب” إن الترتيب الذي احتله المغرب في مؤشر إدراك الرشوة، المعتمد على 13 دراسة استقصائية أجرتها وكالات دولية، وتقييمات أجراها خبراء بهدف قياس الفساد في البلدان التي يشملها المؤشر، يجعله قابعا في “منطقة فساد مزمن”، معتبرة أن المملكة تشهد، طوال السنوات الأربع الماضية، “نزوعا نحو تفاقم الوضع”.

وسوغت “ترانسبارانسي” استنتاجها بوجود نزوع نحو تفاقم وضع الفساد في المغرب بـ”غياب إشارات من لدن الدولة وانعدام إرادتها لمكافحة الفساد بجدية”، مشددة على أن “الوعود وآفاق الشروع في انعطافات وتغيرات في إطار نموذج تنموي جديد، يجب أن تأخذ مكافحة الفساد على محمل الجد، والقضاء على أسس اقتصاد الريع الذي ينخر الاقتصاد المغربي”.

وشدد مسؤولو الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة على أن محاربة الفساد تتطلب توفر إرادة سياسية، وتمتع القضاء بالاستقلالية، ودعم جمعيات المجتمع المدني التي تحارب الفساد، وضمان حرية الصحافيين الذين يفضحون ملفات الفساد بدل إخراسهم ووضعهم في السجون.

في هذا الإطار، أكدت “ترانسبارانسي” أن محاربة الفساد لا يمكن أن تتحقق إلا بتطبيق خمسة تدابير أساسية، هي فصل السلط والضمان الفعلي لاستقلالية القضاء، وسد الثغرات في مجال تطبيق القانون، وتعزيز المراقبة والشفافية في مجال النفقات والصفقات العمومية، ووضع حد لقمع المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين الاستقصائيين، ودعم وسائل الإعلام الحرة والمستقلة وضمان سلامة الصحافيين.

وقال عز الدين أقصبي، عضو “ترانسبارانسي”، إن معالجة المغرب لنموذجه التنموي لا يمكن أن تثمر نتائج “ما لم تتم معالجة مشكل الفساد أولا، لأنه معمم وينتشر في جميع القطاعات”، مضيفا: “إذا لم تكن هناك معالجة جيدة لمشكل الفساد لن يتقدم أي نموذج تنموي”.

وأوضح أقصبي أن من بين العوائق الكبيرة التي تجعل الفساد منتشرا في المغرب، ضعف القوانين، مثل قانون الحصول على المعلومات، “ولكن المشكل الأكبر هو أن القوانين الموجودة رغم أنها ضعيفة، إلا أنها لا تطبَّق”، يضيف المتحدث.

وعلى الرغم من بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل الحد من الرشوة، من قبيل وضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، فإن “ترانسبارانسي” تعتبر أن الفساد ما زال يتسم بطابع بنيوي في المملكة، مشددة على أن “خروج المغرب من الفساد المتفشي يستلزم أن تدعم الدولة المغربية إجراءات لمكافحة الفساد بشكل فعال”.

وأكدت المنظمة ذاتها أن بلوغ هذه الغاية يقتضي “توفر إرادة سياسية حقيقية لا تقتصر على الخطابات”، داعية إلى تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، واستكمال قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، من خلال ضمان استقلال الهيئة وتمكينها من وسائل إجراء التحقيق وإمكانياته.

كما طالبت بسن قانون متعلق بتضارب المصالح وتنفيذه بهدف وضع حد لحالات تضارب المصالح “التي يجري رصدها بشكل يومي، لا سيما في الصفقات العمومية”، ومراجعة القوانين وضمان حماية فعالة للشهود والمبلغين عن الفساد، وتعديل القوانين المتعلقة بالتصريح بالممتلكات وتنفيذها، بما يضمن التصريح العلني من طرف كبار المسؤولين.

hespress.com