قبل المستجدات السياسية والدبلوماسية في نهاية سنة 2020، عرف المغرب اهتماما رسميا وأكاديميا ومدنيا بالتراث الثقافي اليهودي المغربي.

ومن بين مظاهر هذا الاهتمام بالذاكرة المغربية اليهودية تأسيس مركز الدراسات والأبحاث “أبراهام زغوري” في القانون العبري بالمغرب، بمدينة الصويرة، الذي يحمل اسم قاض مغربي يهودي عمل على أن “يظل الإرث القانوني العبري المغربي حاضرا في الذاكرة العرفية والمؤسساتية بالبلاد، وكان من أوائل المطالبين بتدوينه”.

منذ سنة 2018 يناقش مركز الدراسات، هذا، مواضيع من قبيل مكانة القانون العبري في النظام القانوني المغربي، وترابط القوانين العرفية العبرية والأمازيغية، وتاريخ النظام القانوني العبري بالمغرب.

ويضم المركز ذاته أساتذة جامعيين مغاربة وأجانب، ورئيسه الفخري هو أندري أزولاي، مستشار الملك محمد السادس، ورئيسه التنفيذي هو فريد الباشا، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال – الرباط، ورئيسه المؤسِّس عبد الله أوزيتان.

يقول عبد الله أوزيتان في هذا السياق إن من بين أهداف المركز “تعزيز الذاكرة العرفية والمؤسساتية للقانون العبري بالمغرب”، بالبحث في القانون العبري المغربي، وتسليط الضوء على الدور الذي نهضت به المدرسة الأندلسية العبرية، والمدرسة الصويرية (نسبة إلى مدينة الصويرة)، قصد “إبراز التراث القانوني المغربي اليهودي”.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، يذكر الرئيس المؤسس لمركز الدراسات والأبحاث في القانون العبري بالمغرب أن هذا المركز يحاول أن يسهم في “معرفة أكبر بالأحوال الشخصية المطبقة على المغاربة اليهود”، وتناقش لقاءاته العلمية مواضيع من قبيل: عمل الغرف العبرية وخصوصياتها، وتسيير المحاكم العبرية، وكيفية اشتغال القضاة العبريين في محاكم المملكة.

يضع أوزيتان أهداف المركز في إطار “مشروع لتعزيز الدراسات والأبحاث حول عالمية القيم، وتعدد الثقافات، من أجل فهم هذه القيم والأعراف”، ثم يضيف: “هذا ما يجعلنا نجدد تأكيد التزامنا، والتزام المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، من أجل السلام والحوار بين الثقافات والأديان”.

ويؤكد رئيس مركز الدراسات والأبحاث في القانون العبري أن هذا المشروع، مع مشاريع مثل المركز الدولي للبحث حاييم وسيليا الزعفراني حول تاريخ العلاقات بين اليهودية والإسلام، يعكس “اهتماما خاصا لأمير المؤمنين بالإرث الثقافي والتراث المغربي، وكل المكونات الروحية للمغاربة”.

بعد اللقاءات العلمية، التي عرف آخرها تكريم رواد يهود مغاربة من بينهم حاييم الزعفراني، وماكسيم أزولاي، وأبراهام زغوري، الذين “كان لهم تأثير على التجربة القانونية غير المسبوقة في المغرب”، يشتغل المركز حاليا حول موضوع “العمل على كيفية تدوين القانون العبري المغربي”، وهو مشروع لا يقتصر على البعد القانوني، بل يتطلب استدعاء “إطارات أخرى تفسره مثل السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا والتاريخ”، لفهم كيفية تشكل هذا القانون العبري المغربي “الحاضر والقائم بذاته اليوم”.

hespress.com