وجه فاعلون تربويون انتقادات إلى طريقة تعاطي الدولة مع التعليم، معتبرين أن الاتفاقيات المتعلقة بالحق في التعليم التي صادق عليها المغرب لم تجد طريقها إلى التفعيل كما يجب، خاصة بالنسبة إلى الأطفال المنتمين إلى الطبقة الاجتماعية الهشة.

واعتبرت فاطنة أفيد، فاعلة جمعوية وباحثة في سوسيولوجيا التربية، أن الارتباك الحكومي في تدبير التعليم خلال فترة جائحة فيروس “كورونا” لم يكن إلا استمرارا للارتباك الذي تُدبّر به المنظومة التربوية منذ ثمانينيات القرن الماضي، “حيث تم التنبيه إلى أن التعليم في حاجة إلى إصلاح؛ ولكن الأمور ظلت على ما هي عليه إلى الآن”.

وأضافت أفيد، في ندوة رقمية نظمتها الجمعية المغربية لحقوق التلميذ والتلميذة حول “الحق في التعليم في ضوء التعلم عن بعد”، أن نسبة مهمة من أطفال المغرب لا يزالون خارج المدرسة، إذ إن معدّل التمدرس العام لا يزيد على 87 في المائة، وتنخفض النسبة في التعليم الإعدادي بالعالم القروي إلى 69.5 في المائة بحسب أرقام اليونسيف.

وتابعت الفاعلة التربوية ذاتها أن الأرقام المذكورة “تسائل مدى احترام مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب”، داعية إلى إعادة النظر في طريقة تدبير المنظومة التربوية؛ عبر توظيف الموارد البشرية الكافية، ووضع حد للتوظيف بالتعاقد، والزيادة في ميزانية التعليم، وتحسين الوضعية الاجتماعية للأساتذة.

أفيد انتقدت حصيلة التعليم عن بعد الذي تم اللجوء إليه بعد انتشار جائحة “كورونا”، معتبرة أن هذا النمط من التعليم “خلّف تذمرا عاما؛ لأن النتائج لم تكن في المستوى”، ذاهبة إلى القول: “نحن أمام تدبير لا عقلاني للمنظومة التربوية، وكان على الوزارة أن تأخذ بآراء الهيئات المعنية من أجل المرور من الأسدوس الأول إلى الأسدوس الثاني بأقل الخسائر”.

من جهته، قال محمد الحمري، رئيس الجمعية المغربية لحقوق التلميذ والتلميذة، إن حق التلاميذ في تعليم جيد يجب أن تتم مقاربته مقاربة حقوقية في المقام الأول، على اعتبار أن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب تنص على حق التلميذ في الاستفادة من التعليم في إطار المساواة وتكافؤ الفرص؛ وهو المبدأ الذي كرّسه دستور المملكة.

وأضاف الحمري أن الواقع المغربي الراهن ما زال يعج بكثير من العوائق التي تحول دون ولوج الأطفال إلى التعليم، كما يحصل في عدد من المناطق القروية حيث تنقطع الطرق المؤدية إلى المدارس جراء السيول؛ وهو ما يحرم التلاميذ من حقهم في التمدرس.

وبخصوص التعليم بالتناوب الذي تم اعتماده منذ بداية الموسم الدراسي الحالي، قال رئيس الجمعية المغربية لحقوق التلميذ والتلميذة إنه أبان عن غياب تكافؤ الفرص، موضحا: “يصعب القول إن التعليم بالتناوب أعطى نتائج في الوسط الحضري فأحرى في الوسط القروي”، قبل أن يستدرك بأن الوزارة لا حق لها في أن تفرض على الأسر التكفل بتعليم أبنائها، “لأن هذه مسؤولية الدولة”.

في السياق ذاته، توقف محمد عبد اللوي، عضو المكتب الوطني للجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب، عند عدد من الإشكاليات التي يعانيها التلاميذ خلال الفترة الراهنة، مشيرا إلى أن إغلاق الداخليات أثر سلبا على التلاميذ المنتمين إلى المناطق المعزولة والمهمّشة.

واعتبر عبد اللوي أن التأخر في فتح الداخليات “يعني هدرا مدرسيا أو تأخرا مدرسيا في أحسن الأحوال بالنسبة للتلاميذ”، مقترحا توسيع تجربة المدارس الجماعاتية باعتبار أنها “تمكّن من توسيع نطاق تمدرس التلاميذ”.

hespress.com