قال مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة إنه رغم تعاظم التحدي الذي يواجه العالم في ظل جائحة كورونا، إلا أن هناك سيناريوهات أسوأ، وهي أن يتعرّض العالم لإطلاق -عَرضي أو مُتعمد- لفيروس مميت، سواء أكان طبيعيًا أو مُصممًا معمليًّا.

ورقة تحليلية للمركز قالت إن الضرر الناجم عن مثل هذا الحدث يمكن أن يُقوِّض كافة الجهود العالمية خلال العقود الماضية؛ إذ “يمكن للفيروسات الجديدة (المُصنعة) أن تُثبت أنها أكثر خطورة من الأمراض المعروفة، وبالتأكيد ستقاوم الطرق التقليدية للتشخيص والعلاج”.

وأوضح التحليل ذاته أن جائحة كورونا، على حد تعبير “تيدروس أدهانوم غيبريسوس”، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، هي “أزمة صحية تحدث مرة واحدة في القرن”؛ فقد كانت آخر حالة طوارئ صحية عامة تسبَّبت في مثل هذا الخراب هي جائحة الأنفلونزا الإسبانية، التي بدأت عام 1918، وأصابت حوالي ثلث سكان العالم، وقتلت ما لا يقل عن 50 مليون شخص”، ويزيد مستدركا: “ولكن نظرًا لأن الظروف العالمية أصبحت مواتية بشكل متزايد لانتشار الفيروسات، فمن غير المُرجح أن يكون الوباء الحالي هو الأخير، وقد لا يكون الأسوأ”.

وحسب الورقة فإن المجتمع الدولي يركز على إيجاد سبل للتعافي من الأزمة الحالية، ولكن -في الوقت نفسه- يسعى إلى الاستعداد للأزمة التالية، وهو الأمر الذي يتطلب تغييرًا جوهريًا في الطريقة التي تفكر بها دول العالم بشأن الأمن الصحي العالمي.

وسلط المركز الضوء على بحث لـ”جينيفر نوزو”، الباحثة في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي، بنشر ورقة تحليلية في مجلة Foreign Affairs الأمريكية، ضمن عدد يناير/فبراير 2021، تحت عنوان: “لوقف الوباء: نهج أفضل للأمن الصحي العالمي”. وفي هذه الورقة تحاول الباحثة تقديم الدروس المستفادة من أزمة وباء كورونا، وملامح الاستعداد لما هو قادم.

وقالت الباحثة إنه رغم عدم وجود تعريف واحد لمصطلح “الجائحة”، يستخدم علماء الأوبئة هذه الكلمة عمومًا لوصف تفشي الأمراض المعدية التي انتشرت عبر أجزاء متعددة في العالم، مضيفة: “هذا الانتشار أسهل كثيرًا اليوم، في عصر السفر الدولي، والتهجير الجماعي، والهجرة، والتحضر؛ وكلها عوامل تسمح لمُسببات الأمراض بالوصول إلى مجموعات سكانية ضخمة في مختلف أنحاء العالم. كما أن انتشار الأمراض المزمنة، بما في ذلك السمنة، يجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بحالات خطيرة بمجرد الإصابة”.

وحسب الوثيقة بات واضحًا أن عدد الأمراض المعدية الناشئة الجديدة زاد بشكل مطرد منذ عام 1940؛ فقد نشأت معظم هذه الأمراض الجديدة في الحياة البرية وانتقلت إلى البشر، في ظاهرة تُسمى Spillover “الامتداد والانتشار”، وهي ظاهرة تحركها العولمة والزحف المتزايد للبشر على الطبيعة.

وتعد اللوائح الصحية الدولية مجموعة من المبادئ التوجيهية التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية لأول مرة عام 1969، وتم تعزيزها بعد وباء السارس عام 2003، وهي اتفاقية تُلزِم الحكومات بتطوير آلياتها للاستجابة لحالات تفشي الأوبئة، كما أنها تمنح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية سلطة إعلان “حالة طوارئ صحية عامة”. وتكمن أهمية هذه اللوائح في قدرتها على الكشف المبكر عن حالات الأوبئة، والإبلاغ عنها، ما يمنح باقي دول العالم القدرة على اتخاذ تدابير احترازية مبكرة.

وقال المركز إنه مع ذلك فشلت العديد من الدول في الوفاء بالتزاماتها بموجب اللوائح الصحية الدولية، ولم تتخطَّ الدول التي التزمت بهذه اللوائح نسبة الثلث من بين أعضاء منظمة الصحة العالمية. وقد تجلّت الآثار المميتة لهذا الخلل أثناء انتشار وباء “إيبولا” غرب إفريقيا عام 2013، حيث سمح التأخير في الكشف عن تفشي المرض في غينيا بوصوله إلى ليبيريا ونيجيريا وسيراليون، ما أدى -في النهاية- إلى إصابة ما يَقرب من 30 ألف شخص ووفاة أكثر من 11 ألفا.

hespress.com