فجّر حسن أوريد، المفكر الناطق سابقا باسم القصر الملكي، غضب عدد من مكونات الحركة الأمازيغية، بعد تصريحات اعتبر فيها أن التنوع الثقافي في السياق الحالي يمكن استعماله “قنابل موقوتة يُتحكم فيها عن بعد”.
وقال أوريد جوابا على سؤال حول رأيه في دعوة بعض الأطراف إلى الانخراط في العولمة بشكل شامل، والمطالبة في الآن نفسه بالحقوق القبلية والاثنية، مثل نشطاء الأمازيغية، إن العولمة تفضي إلى بروز خطابات هوياتية سواء دينية أو عرقية.
وأضاف: “أصبحنا نعيش في وضع يمكن من خلاله استعمال هذا التنوع الثقافي قنابل موقوتة يُتحكم فيها عن بعد، دون أن تكون للدول الوطنية، من وجهة نظري، أدنى سيطرة على هذه التعبيرات”، وهو ما أثار عليه غضبا واسعا من مكونات الحركة الأمازيغية.
الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب انتقدت بشدة التصريحات التي أدلى بها أوريد، مستنكرة ما سمته “أحكام القيمة التي وصف بها حَراك الحركة الأمازيغية بالمغرب وشمال إفريقيا، وسياق نضالها من أجل مغرب ديمقراطي متعدد ومتنوع مستوعب لأصالته بعمقها الإفريقي وامتداداتها المتوسطية”.
وهاجمت الهيئة ذاتُها أوريد، متهمة إياه بـ”الدعوة إلى العمل على السيطرة على تعبيرات الحركات التواقة إلى التحرر ومنها الحركة الأمازيغية”، مشيرة إلى أنه كان هو صاحب “صفقة بداية هذا القرن موضوع مفاوضاته مع مكونات ميثاق مارس 2000″، في إشارة إلى المفاوضات التي مهدّت لبداية التوافق بين الدولة والحركة الأمازيغية.
وعبرت الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب عن استغرابها لما سمته “التمايلات الفكرية” لحسن أوريد، مُسائلة إياه عن “مصدر المعلومة الاستخباراتية، أو المصدر الموثق الذي أفتى له برؤية احتمال تحول الحركة الأمازيغية أو مطالبها إلى قنابل موقوتة”.
وذهبت الهيئة ذاتها إلى اعتبار التصريحات التي أدلى بها أوريد “انتقالا إلى تبني مفاهيم سلطوية مكرسة للديكتاتورية”، و”ارتدادا ضد قيم بناء الدولة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وسعيا إراديا أو غير إرادي لتدمير مكتسبات ومسارات الحركة الأمازيغية بالمغرب وعموم مواقعها بدول شمال إفريقيا”.
محمد الحموشي، المنسق الوطني للفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب، قال إن المثير في تصريح أوريد هو الإشارة إلى إمكانية تحوُّل الحركة الأمازيغية أو مطالبها إلى قنابل موقوتة، معتبرا أن هذا الرأي “مخالف للصواب”.
وأوضح الحموشي في تصريح لهسبريس أن “الحركة الأمازيغية المغربية، بجميع مكوناتها، تناضل إلى جانب الحركة الحقوقية والديمقراطية من أجل الحرية والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية”.
وجوابا على سؤال بخصوص بعض التصريحات التي تزعم أن الحركة الأمازيغية يتم تسخيرها من طرف جهات خارجية لخدمة أجندتها داخل المغرب، قال الحموشي إن الحركة الأمازيغية “هي مكون مرتبط بعوامل تأسيسية متجذرة في تربة وتاريخ المغرب، وهي جزء من النسيج المدني الديمقراطي والحقوقي المحلي”.
وأضاف أن “الذين يشككون في خطاب الحركة الأمازيغية هم أقلية ممن يحملون خطاب التشكيك والكراهية، ومعروف ولاؤهم لتنظيمات القوميين والإخوان في الشرق الأوسط، وبعضهم من أمازيغيي الخدمة يستخدم لغة التشكيك ضد أبناء جلدته لتحصين مواقعه وحماية امتيازاته لدى الدوائر المخزنية”.
وذهب الفاعل الأمازيغي نفسه إلى القول: “إن القوى المناهضة للحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية هي نفسها المعادية لقيم الديمقراطية والتعدد والاختلاف، وترتكز على ايديولوجيا عرقية ذات رؤية أحادية للهوية وللتاريخ. وهي التي تحكمت في سياسات الدولة وتخترق دواليبها منذ عقود إلى اليوم”.
وبخصوص ما إذا كانت الحركة الأمازيغية محصنة من التأثيرات الخارجية، قال الحموشي: “الثابت اليوم وبعد عقود من نشأة الحركة الأمازيغية المعاصرة أنها مكون أساسي ضمن النسيج المدني الديمقراطي بالمغرب، وهي تناضل من أجل إقرار الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية في دولة مدنية وفي مجتمع حداثي إلى جانب كل القوى الديمقراطية، وهي تتمتع بقوة الإرادة الذاتية والقرار المستقل، وخطابها مستلهم من قيم الحداثة ومبادئ حقوق الإنسان، التي تحظى بالكثير من الاحترام والشرعية”.
وانتقد المتحدث التعثر الذي يطبع تفعيل الحقوق الثقافية واللغوية للأمازيغ، معتبرا أن “نظرة الدولة تتسم بغياب الإرادة السياسية المطلوبة للتصالح مع الهوية الأمازيغية عبر تحقيق عدالة لغوية وثقافية بالمغرب”، مبرزا أن هذا التعاطي تعكسه التراجعات التي يعرفها الملف، واستمرار المس بالحقوق الثقافية واللغوية بدءا بمنع الأسماء الشخصية الأمازيغية، واستمرار اعتقال مناضلي الديناميات الميدانية ونزع الأراضي دون مراعاة لثقافة وقوانين سكانها ومستغليها.
وفي الوقت الذي أثارت فيه تصريحات أوريد غضب عدد من مكونات الحركة الأمازيغية، قال الحموشي إن الأوان قد آن “للتصالح مع المكون الأمازيغي والقبول به في الساحة السياسية والاجتماعية والثقافية الوطنية، بدل الاستمرار في السعي إلى تهميشه وفرض الوصاية السياسية والاجتماعية والفكرية عليه ومحاولة تحويله إلى مجتمع قاصر بهدف السيطرة على موارده وحرمانه من المطالبة بحقوقه”.