محاذير سياسية من الانعكاسات الاجتماعية للإجراءات الحكومية الموجهة إلى احتواء جائحة “كورونا”، نظرا إلى “تضرر” الشغيلة المغربية من تبعات قرارات الإغلاق منذ بروز المرض؛ ما أدى إلى خروج الناس للتظاهر في مجموعة من المدن.
ونبّهت كثير من الفعاليات الوطنية إلى الاحتقان الاجتماعي القائم بالحواضر المغربية؛ ضمنها مدينة الفنيدق التي شهدت احتجاجات موحدة لأبنائها بسبب إغلاق المعبر الحدودي لمدينة سبتة، في ظل غياب بدائل اقتصادية للتهريب المعيشي الذي تعتمد عليه الأسر بالمنطقة.
ودقت الهيئة المحلية لفيدرالية اليسار الديمقراطي بالمضيق “ناقوس الخطر” بشأن “الانفجارات الاجتماعية”، ما لم تبادر الجهات المسؤولة إلى ضمان الحقوق والحريات وإطلاق سراح المعتقلين وتعليق المتابعات، بتعبيرها، داعية، في الآن نفسه، إلى اعتماد تدابير عاجلة للتخفيف من الأزمة في أفق وضع حل شامل لمشاكل المنطقة.
وأكدت الهيئة عينها أن خروج سكان الفنيدق للاحتجاج مجرد رد فعل “طبيعي”، موردة أن “المبالغة في اعتماد المقاربة الأمنية في المنطقة لقمع كل أشكال التعبير والتظاهر والاحتجاج هو جزء من سياسة وطنية، الغرض منها الإجهاز على المكتسبات”.
وطالب البيان عينه صناع القرار بـ”بلورة سياسة تنموية تشاركية تستجيب لطموحات وانتظارات ساكنة المنطقة وعموم المواطنين، وتسخير إمكانية ومقدرات الوطن لإيجاد الحلول والبدائل عوض قمع الأصوات المواطنة”، مشيرا إلى أن الاحتجاج مرده إلى “انسداد أبواب الرزق في وجه السكان منذ مدة، والتي تفاقمت مع تدابير الحجر الصحي”.
وفي هذا الإطار، أفادت نبيلة منيب، عضو الأمانة العامة لفيدرالية اليسار الديمقراطي، بأن “الأزمة الاجتماعية الخانقة قائمة قبل حلول الجائحة، التي أدت إلى الكساد الاقتصادي جراء الحجر الصحي؛ ما أفضى إلى تعميق تلك الأزمة المركبة، حيث يظل مُسبّبها الرئيس هو الفساد وغياب التوزيع العادل للثروة والريع واستغلال النفوذ”.
وأوضحت منيب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الفساد يُضيّع على البلاد أموالا طائلة يمكن استغلالها في بناء جهات متكاملة ومتضامنة، فيما توجد مناطق مهمشة تعيش تحت عتبة الفقر؛ ما يتطلب سنّ إصلاحات ضريبية عديدة، واعتماد عدالة اجتماعية مناطقية، من أجل تفادي الحركات الاجتماعية؛ من قبيل حراك 20 فبراير وجرادة والريف ومسيرات العطش”.
وأشارت المتحدثة إلى أن “غياب البدائل الاقتصادية أدى إلى خروج سكان الفنيدق للاحتجاج، لأن أغلبية الأسر تشتغل في القطاع غير المهيكل؛ ما يفسر الاحتجاجات المتتالية بكثير من المناطق”، ثم زادت: “قمت بجولة في مناطق الجنوب الشرقي؛ مثل تنغير وميدلت والرشيدية وغيرها، فلاحظت حجم التهميش الذي تعانيه”.
واستطردت: “جهة درعة تافيلالت لا تتوفر على جامعة موحدة، ولا طرقات، ولا تهيئة ترابية في المستوى، ولا تنمية اقتصادية؛ ما يدفع مواطنيها إلى الهجرة إلى الجهات الأكثر تنمية”، داعية إلى “وضع مخططات من أجل الاستجابة لما هو استعجالي بالنسبة للمواطن، وتنظيم جهوية حقيقية بمخطط عملي مبني على رؤية مستقبلية”.