بعد أسبوعين من إطلاق المغرب لعملية تطعيم المواطنين باللقاح المضاد لفيروس “كورونا”، أصبحت الأطر الصحية التي أنيطت إليها مهمة تنفيذ هذه العملية تشتكي من ظروف العمل، بسبب عدد الساعات التي يشتغلونها طيلة اليوم تحت ضغط التسريع بتلقيح أكبر عدد من الناس.
وتحفل مواقع التواصل الاجتماعي بشكاوى الأطر الصحية من ظروف العمل التي تمر فيها عملية التلقيح، حيث ذهب بعضهم إلى القول إنهم يعملون لعشر ساعات متواصلة في اليوم، من الاثنين إلى السبت، ولا يجدون الوقت حتى لتناول وجباتهم الغذائية.
وأكدت فاطمة الزهراء بلين، مسؤولة الإعلام والتواصل بحركة الممرضين وتقنيي الصحة، أن عملية التلقيح تشوبها اختلالات فيما يتعلق بالالتزام بمقتضيات قانون الوظيفة العمومية المتعلقة بعدد ساعات العمل، حيث يشتغل الممرضون والأطر الصحية المكلفون بعملية التلقيح خارج أوقات العمل.
وأردفت بلين، في تصريح لهسبريس، أن الظروف التي تشتغل فيها الأطر الصحية خلال عملية التلقيح “هي استمرار للظروف المزرية التي اشتغلنا فيها منذ بداية الجائحة”، مشيرة إلى أن الأطر الصحية “قدموا تضحيات بشكل تطوعي؛ لأن الأمن الصحي للبلاد كان على المحك”.
وبالرغم من أن الأطر الصحية عبّرت في غير ما مناسبة، منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية في المغرب، عن تجندها للقيام بواجبها المهني؛ “فإن هذا الوضع الذي اقترب أن يمر عليه عام لا يمكن أن يستمر، لأن عدم تحسن ظروف اشتغال مهنيي الصحة طيلة كل هذه المدة معناه أن هناك خللا في التسيير”، تقول بلين.
وشهدت المرحلة الماضية منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية احتجاجات للأطر الصحية من ممرضين وتقنيي الصحية وأطباء، بسبب ظروف العمل وعدم الاستفادة من العطلة السنوية، وبسبب عدم التزام وزارة الصحة بتمكينهم من تعويضات مالية في مستوى التضحيات التي قاموا بها.
وذهبت المسؤولة الإعلامية لحركة الممرضين وتقنيي الصحة إلى القول إن التعويض الذي خصصته وزارة الصحة للأطر الصحية “ليس هزيلا فقط، بل هو مُهين”، مضيفا: “موظفو قطاعات حكومية لا علاقة لها بالصحة تسلموا تعويضات أعلى بأضعاف مضاعفة مما أعطي لمهنيي الصحة”.
وتراوح التعويض الذي خصصته وزارة الصحة للأطر الصحية، بعد مفاوضات طويلة مع النقابات، ما بين 3500 و4800 درهم بالنسبة للممرضين وتقنيي الصحة، حسب الفئات؛ بينما حصل الأطباء على 6000 درهم.
وتشتكي الأطر الصحية من الإرهاق، حيث قالت بلين إن “وزارة الصحة استنزفت الأطر الصحية”، مضيفة: “لدينا حالة أحد مهنيي الصحة أصيب بخلل عقلي، دون الحديث عن الانهيارات العصبية”، وفق تعبيرها.
وأضافت المتحدثة ذاتها “أن ضغط العمل الذي وسم بداية انتشار جائحة فيروس كورونا كان مبررا؛ لأننا كنا أمام خطر وبائي، ووجود مواطنين مصابين بالفيروس ينتظرون العلاج، ولكن التلقيح لا يتطلب الاستعجالية، ولا يمكن قبول الضغط على مهنيي الصحة وتحميلهم أكثر من طاقتهم”.
مسؤولة الإعلام والتواصل بحركة الممرضين وتقنيي الصحة قائلة: “الأطر الصحية تعمل يوميا من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الثامنة، وأحيانا العاشرة ليلا، بما في ذلك يوم السبت”، مضيفة: “هذه ارتجالية، وإذا أردنا أن نحقق مقاربة كمية على حساب الأطر الصحية فهذه أنانية واستعباد وسخرة”، على حد قولها.
ونبهت بلين إلى أن الضغط الذي تشتغل فيه الأطر الصحية قد يؤدي إلى وقوع أخطاء مهنية في عملية التلقيح، موضحة أن الأطر تشتغل بوتيرة عالية طيلة ساعات اليوم، وفي شروط صارمة، حيث يتعين على الذين يلقِّحون بلقاح أسترازينيكا أن ينتظروا إلى حين تجميع عشرة أشخاص، لأن كل زجاجة تضم عشر جرعات ولا يمكن فتحها إلا إذا اجتمع عشرة أشخاص لتلقيحهم تباعا، إضافة إلى أن اللقاح عندما يُخرج من الثلاجة يجب استعماله فورا؛ وهو ما يضاعف من حدة الضغوط.