تراجعت مليشيات البوليساريو عن تهديدها باستهداف مناطق عازلة شرق الجدار الأمني، إذ اختارت قيادة الجبهة الانزواء داخل مخيمات “الرابوني” من أجل الاستعداد لإحياء ذكرى تأسيس “جمهورية الوهم”، في حين تروج وسائل إعلام انفصالية إمكانية إحياء هذا الحدث في منطقة تيفاريتي، في تحد واضح لقرارات مجلس الأمن الأخيرة التي ألزمت البوليساريو بعدم ولوج المناطق العازلة.

وتحاول الجبهة الانفصالية دخول المنطقة العازلة في الصّحراء بكلّ الوسائل، إذ عمدت مؤخّراً إلى خرق أهمّ بند للاتفاق العسكري رقم 1 الموقّع ما بين القوّات المسلحة الملكية والجبهة وبعثة الأمم المتّحدة، بحيث دفعت مواطنين صحراويين إلى الدّخول إلى مناطق مشمولة باتفاقية وقف إطلاق النار ورفع شعارات سياسية.

ووفقاً للاتفاق العسكري رقم 1، تمنع الأمم المتّحدة دخول أفراد أو معدّات الجيش الملكي المغربي والقوات العسكرية لجبهة البوليساريو برا أو بحرا إلى المنطقة العازلة، كما يحظر إطلاق نيران الأسلحة داخلها وفوق أجوائها في جميع الأوقات.

وتغيرت معطيات كثيرة في الصحراء بعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، بينما ستحاول الجبهة استغلال انشغال العالم بتحديات “كورونا” للإقدام على خطوة “مجنونة” واقتحام منطقة تيفاريتي العازلة، شرق الجدار الأمني.

الخبير في الشؤون الأمنية محمد الطيار قال إنه “يجب أخذ خطوة نقل العتاد الانفصالي إلى منطقة تيفاريتي العازلة على محمل الجد، فقد حاولت البوليساريو نقل المنشآت الإدارية وأقامت مؤتمراتها في هذه المناطق، كما قامت بدفن جثمان رئيسها السابق محمد عبد العزيز في هذه المنطقة، كما أعلنت أن لها جامعة في تفاريتي، وهي جامعة افتراضية لا توجد على أرض الواقع”.

وشدّد الجامعي المغربي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن البوليساريو أعلنت خرقها وقف إطلاق النار، بينما شدد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصّحراء، الذي رفعه إلى مجلس الأمن عام 2018، على أن المبعوث الشخصي للأمين العام التقى بإبراهيم غالي في الرابوني، وأكد له انسحابا دائما من منطقة الكركرات، وتعهد بعدم نقل أي منشآت إدارية جديدة إلى تفاريتي وبئر لحلو، عملا بقرار مجلس الأمن 2414 الصادر عام 2018؛ فيما تبيّن بعد ذلك أن كل ذلك كذب، بحيث لم يلتزم غالي بتعهداته أمام المبعوث الشخصي للأمم المتحدة”.

وقال المحلل ذاته إنه “خلال شهر مارس 2018 قامت مجموعات تابعة لمليشيات البوليساريو باعتراض مراقبين تابعين للمينورسو وعاملتهم معاملة سيئة”، مضيفا أنه “منذ القرار عدد 658 الصادر في 17 يونيو 1990 أصبح شرق الجدار الأمني أو المنطقة العازلة تحت مسؤولية مجلس الأمن والأمم المتحدة؛ كما أن المغرب حينما قرر إخلاء المنطقة العازلة عام 1991 كان ذلك فقط من أجل تعبيد الطريق أمام الأمم المتحدة لإنجاح العملية السياسية”.

وفي هذا الصدد، قال الطيار إن “قرارات مجلس الأمن 2414 و2440 صريحة وواضحة بحكم أنها تدعو البوليساريو إلى عدم نقل منشآت إلى المنطقة العازلة؛ بينما الجبهة لا تحترم تعهداتها ولا تعطي أي أهمية لقرارات مجلس الأمن”، وزاد: “علينا كمغاربة أن نطرح في الاعتبار أن الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية لم تستطع فرض سلطتها على البوليساريو ومن ورائها الجزائر، كما أن المنطقة عرفت تنظيم مؤتمرات للجبهة، وأنشطة عسكرية متعددة”.

واعتبر المتحدث ذاته أن البوليساريو أصبحت أمام طريق مسدود، وهو ما دفع الجزائر إلى الخروج من جحرها، وأصبحت الطرف الرئيس في النزاع، وتابع: “هناك احتمال لإقدام البوليساريو على عمل استفزازي في المنطقة العازلة بمناسبة ذكرى تأسيس الجمهورية الوهمية؛ فرغم تعهد إبراهيم غالي أمام الأمم المتحدة بعدم عودة الجبهة إلى الكركارات عام 2018 فقد عادت عام 2020، ومنعت مرور الشاحنات وعرقلت الحركة التجارية الدولية”.

hespress.com