قبل 39 دقيقة
هل تتوقع أن يكون مديرك في العمل مجرد جهاز كمبيوتر؟إذا كانت إجابتك: “حسناً، سيكون أفضل من مديري الحالي على كل حال” فأنت لست وحيداً. فرغم كل شيء قد يكون الذكاء الاصطناعي (AI) أفضل في تنظيم جداول عمل الموظفين دون أن يفسد عليهم عطلاتهم.
وجود مدير لا يمكن إتهامه بالتحيز أو بالمحاباة أو توجيه ملاحظات لك دون الآخرين قد يكون أمراً ايجابياً.
ومع ذلك بالنسبة لأولئك الذين شاهدوا أفلام Terminator مراراً فإن فكرة تحكم الكمبيوتر أو الروبوت بهم من المؤكد أن تثير لديهم الخوف من أن الآلة في طريقها إلى السيطرة علينا.
لكن هؤلاء يغفلون عن حقيقة أننا نقضي بالفعل الكثير من الوقت تحت سيطرة الآلات ولا نفكر حتى في الأمر ناهيك عن الشعور بالقلق.
يشير جف شوارتز، الشريك الأول في شركة ديلويت للمحاسبة والمستشار العالمي لمستقبل العمل، إلى آلة يومية بسيطة نطيعها جميعاً دون تفكير.
قبل أنيتوصل الناس إلى أكتشاف إشارة المرور تعمل على الكهرباء كان هناك شخص يقوم بهذه المهمة، يوقف ويوجه السيارات والأليات. ويضيف: “من الواضح جداً أنها باتت آلة، وهي تزداد ذكاءً، إنهم الآن يضعون الذكاء الاصطناعي في خدمة المرور حتى يتمكنوا من الاستجابة بشكل أفضل لمستويات حركة السير”.
لذلك يبدو أننا على استعداد تام لتلقي الأوامر من آلة في مواقف محددة. لكن ما حدث بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة هو أن أجهزة الكمبيوتر في العمل بات لها دور كبير في العمل وهي التي تتحكم بالعديد من المهام التي نقوم بها. ويقول الخبراء إن هذا سيزداد مع مرور الوقت.
خذ على سبيل شركة سيارات الأجرة أوبر. لا يوجد رجل أو امرأة في المكتب يوجه طلبات الزيائن إلى السائقين. يتم ذلك تلقائياً بواسطة نظام برمجيات الشركة.
يقول البروفيسور توماس تشامورو بريموزيك، عالم نفس الأعمال في جامعة كلية لندن، إن أوبر تقوم بذلك كي يصبح عملها وخدمتها أكثر كفاءة قدر الإمكان لكن هناك فوائد أوسع لذلك.
يقول: “تطبيق أوبر على الهواتف الذكية غير متحيز ضد أو لصالح أي زبون أو سائق لأنه يتمتع بحسن المظهر أو درس في مدرسة معينة، أو أن لكنته صحيحة ، أو يرتدي ملابس جيدة”.
“الأمر كله يتعلق بالأداء. يمكنك أن ترى كيف يمكن للتكنولوجيا أن تجعل العمل أكثر ملائمة من خلال التركيز أكثر على الجوهر وأقل على الأسلوب والشكل”.
“الشركات التي يمكنها القيام بذلك سوف تتفوق على منافساتها وستكون أماكن عمل أفضل”.
إذاً فهل وجود رئيس كمبيوتري في العمل لا يدعو للقلق. تقول شيفي جارفيس، مؤسسة شركة فيوتشر سكيب للاستشارات التجارية، والمتنبئ باتجاهات العمل المستقبلية، إنها بعيدة كل البعد عن الاقتناع بذلك.
“التحذير الكبير هنا هو أننا بحاجة إلى إشراف أخلاقي على هذا” كما تقول. “إذا كان لديك الذكاء الاصطناعي هو الرئيس، قطعة من البرامج ذات القدرة على اتخاذ القرار ، فهذا أمر مقلق للغاية بالنسبة لي، وأعتقد أنه قد يؤدي إلى مستقبل بائس تماماً”.
“إن النظام الذي يفتقر الى الإشراف الأخلاقي المناسب حيث يستخدم الإنسان تقديره واحساسيه في الإشراف على ما يعتبره النظام الاستنتاج الصحيح، هو نظام ضار للغاية وهو مصدر تهديد حقيقي”.
في قطاع البيع بالتجزئة، تستخدم أمازون بشكل متزايد أنظمة الذكاء الاصطناعي لتوجيه ومراقبة الموظفين في مستودعاتها.
وقد تسبب ذلك في ما أشارت الأخبار إلى حالات أرهاق الموظفين في العمل، وهي اتهامات نفتها أمازون مراراً وتكراراً.
تقول أمازون أنه إذا لاحظت الآلة الذكية أن العامل يعاني من ضعف الأداء، فإنه يحصل على دعم وتدريب إضافي يأتي من قبل شخص مختص.
كما تعرضت للانتقاد برامج الذكاء الاصطناعي التي تعطي أوامر العمل وتراقب تنفيذها وكذلك برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بموظفي مركز الاتصال لأنها متطلبة للغاية وغير عادلة.
لكن أحد منتجي برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بمركز الاتصال قال لبي بي سي إن نظام مراقبة مركز الاتصال الخاص الذي تنتجه الشركة يمكنه “تحليل مئة في المئة من التعاملات” وبالتالي يمكن للمشرفين البشريين استخدام هذه المعلومات “ليكونوا مديرين أفضل”. ويمكن إرشاد الموظفين “لتحسين أدائهم بمرور الوقت، وتحقيق نتائج أفضل في تلبية طلبات الزبائن”.
مع استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد في مراقبة الموظفين، يمكن أن تبرز مشكلة كبيرة عند اتخاذ قرار بتسريح أحد الموظفين وهي من سيكون له الكلمة الفصل في القرار: الانساء أم الآلة كما تقول جرفيس.
وتضيف: “قد يفضل المدير البشري عاملاً لديه طفلان يتولى رعايتهما بمفرده وعمله مصدر دخله الوحيد أو يعتقد أن عاملاً آخر له صلات قوية وسيقف على أقدامه عند تسريحه”.
” لو طرحت على برامج الذكاء الاصطناعي هذه الأسئلة لا يمكنه الاجاية عليها أو إدراك كل العوامل التي لعبت دوراً في الوصول لمثل هكذا قرارات”.
تقول البروفيسورة ساندرا واتشتر، الباحثة في مجال الذكاء الاصطناعي بجامعة أكسفورد، إن الناس يتصورون أن روبوتاً سيقف فوق رؤوسهم اثناء العمل عندما تقول لهم أن مديرك هو كمبيوتر.
وتضيف إن الأمر يتعلق: “بمهام قيادية معينة متعلقة بك يتم تنفيذها فعلياً بواسطة خوارزميات الكمبيوتر”.
“على سبيل المثال يمكن أن تكون هناك برامج تعمل في الخفاء لمراقبة أدائك، عدد المكالمات التي تجريها وتراقب لغتك خلال المكالمات الهاتفية، ورسائل البريد الإلكتروني التي ترسلها، والمواقع التي تتصفحها وعدد المرات التي تأخذ فيها الاستراحة من العمل”.
“ويمكن بعد ذلك استخدام ما سبق لتحديد الراتب الذي تحصل عليه أو منحك ترقية أو حجبها عنك. قلقي الرئيسي هو أن يتم استخدام هذه الخوارزميات للتنبؤ بأشياء يستحيل عليهم القيام بها، مثل كيف يجب أن يبدو العامل الجيد، ومن يستحق الترقية وهذه أمور تخضع للإعتبارات الشخصية”.
قد تصدر الحكومات تشريعات في هذا المجال، لكن الأمر أشبه بحقل ألغام نظراً للتداخل بين الذكاء الاصطناعي والبشر في صناعة القرار.
يقول البروفيسور تشامورو بريموزيتش إنه على الرغم من المخاوف بشأن تولى الذكاء الاصطناعي مهام المدير، من المهم أن نتذكر أن هناك العديد من المدراء البشر الذين لا يطاقون.
“من الصعب جداً على الآلة أن تتفوق في الأداء على أفضل الرؤساء … ولكن ليس من الصعب جداً على الذكاء الاصطناعي أن يكون بديلاً مناسباً لرئيس عمل سيء حقاً”.
وتضيف واتشتر أن المدراء البشريين “لا ينبغي اعتبارهم المعيار الذهبي عند التفكير في هذه المسألة”.
يقول شوارتز إنه يأمل أن يساعد الذكاء الاصطناعي المدراء من البشر على تحسين أدائهم. حيث ستتولى برامج الكمبيوتر القيام بالمزيد من المهام المملة مثل وضع جداول عمل الموظفين وتوزيع المهام البسيطة والقيام بالمراقبة الأولية لأداء الموظفين وغيرها من المهام مما يعطي الفرصة للمدراء البشريين ليكونوا قدوة في أفضل في العمل.