الخميس 18 فبراير 2021 – 10:52
لم يكن ما قاله أخونا وزميلنا القنصل المغربي في وهران السيد أحرضان بوطاهر قبل أقل من سنة، من باب العبث أو زلة لسان بأنه في بلد عدو، بل ما صرح به يتأكد للمرة الألف أنه كان عين الصواب وأن النظام الجزائري هو بالفعل كما هو حاليا لا هم له سوى أن يضمر على الدوام عداوته للمغرب التي هي نبع من شر لا ينضب. وفي حينها أقام رجال هذا النظام الدنيا ولم يقعدوها سواء على مستوى رئاسة الجمهورية أو على مستوى وزير الخارجية مستنكرين ذلك التصريح وكأنهم يريدون أن يقولوا للعالم أنهم براء مما جاء من قول فصيح على لسان دبلوماسي غيور.
وتلك أيام مرت وتلتها أسابيع كما هي أشهر قليلة، ليسقط القناع من جديد عن وجه نظام الجنرالات بدمية لتكون عليهم شاهدة لا عكس ما أرادوها أن تكون لهم. دمية صنعوها فصنعت فيهم العجاب أرادوا بها الإساءة لرموز سيادة المغرب فما كانوا إلا بأنفسهم مسيئين. ارتدت الدمية على الجنرالات وحولتهم إلى كابرانات أو ما دون ذلك. وقبل أن يرد المغرب على هذه الدناءة وعلى هذه الوضاعة في التعامل، كانت شرائح من الشعب الجزائري الشقيق سباقة في الرد نيابة عنا وأزبدت وأرغدت لتعفي مملكة الرجال من الوقوع في لعبة دمى الأطفال.
وشهد شاهد من أهل الدار بعد أن تبين لنظام العسكر بالتأكيد على أن ألاعيب الكراكيز لم تعد تنطلي على أبناء الشعب الجزائري، وأن إثارة قضايا جانبية لا تخص هموم المواطن هو تمويه وصد الانتباه عن المشاكل الداخلية. وفي نظر الجميع باتت هذه الأسطوانة مشروخة ومكشوفة لدى عموم الناس في المجتمع الجزائري. ومن الناس من يستغرب مثل هذه الخرجات ولا يفهم الدواعي التي حملت تلك الأبواق إلى المحاولة اليائسة للمس برموز المملكة المغربية. ورفعوا عدة تساؤلات في وجه الجنرالات من قبيل ما دخل الشعب الجزائري في شخص ملك المغرب، أو في أي شيء قد يفيد الشعب الجزائري أن يقال عن الشعب المغربي أنه يقبل يد ملكه أو قد لا يفعل. ويضيفون هذا شأن المغاربة يخصهم ولا يخصنا.
في تلك التساؤلات التي يطرحها الشارع الجزائري ما يفيد بأن هناك وعيا حقيقيا عند جيراننا الأشقاء بطبيعة المشاكل وبالوضع المتردي وبالألاعيب الصبيانية، التي من خلالها يحاول النظام الجزائري أن يقفز عليها ببرامج مثيرة للسخرية ومثيرة للغثيان. وحينما يأخذ الشعب الجزائري السبق في الرد على ذلك فهو يفعل ذلك من منطلق أن الإساءة هي إساءة للشعب الجزائري قبل أن تكون إساءة للمغرب أو قد لا تكون من حيث المبدأ. والإساءة في ما تعنيه هو الاستخفاف بعقول الجزائريين واستخفاف أيضا بهمومهم وعدم الاكتراث بقضاياهم. وبات من المؤكد أن أشقاءنا لم تعد لديهم طاقة إضافية لتحمل هذه الحماقات التي تسري في خلايا التفكير المنحط المسيطر على عقلية الجنرالات ويأسر عقلية الأبواق التي يسخرونها لخدمة مصالحهم الضيقة.
ومن شر البلية ما يضحك كالحماقات التي ترد علينا تباعا من “دولة بويا عمر”، وهو مستشفى المجانين، نتسلى بها حينما يتوفر لدينا وقت خارج أوقاتنا التي نحرص عليها في البناء والتشييد. حماقات عديدة مثيرة للسخرية كما هي مثيرة للشفقة، منها ما تردده بعض أبواق النظام الجزائري كبعض الدعوات التي تنادي باسترجاع برج “إيفيل” من فرنسا لأنه صنع من حديد الجزائر أو الادعاء بملكية الجزائر لحائط البراق. وهو حائط في بيت المقدس الذي بناه سليمان بن داوود. ومن غير المستبعد أن يخرج علينا النظام الجزائري يوما ما بأن النبي سليمان قد يتحدر بمشيئة الله من أصول جزائرية.
والخرف الذي ضرب النظام لم يتوقف عند هذا المستوى الدنيء بل استمر في توغله في الجهل حينما اعتبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأن بلاده تتوفر على أحسن منظومة صحية في العالم، وعلى فرض أن ما يقوله صحيح، نسائله كيف انتقل إلى ألمانيا لاستكمال بعض الفحوصات على رجله التي انتفخت ليتابع الشأن الجزائري بعد أن أصبح جارا للسيدة أنجيلا ميركل، فيما بقية الشعب الجزائري عليه أن يكتفي بمنظومة صحية في غرف متعفنة تنعدم فيها أبسط الشروط الصحية. حماقات النظام الجزائري ليست لها ضوابط حتى الأرقام التي يتعامل بها العالم بأسره منذ قرون خلت باتت اليوم واحدة من الاختراعات التي ينسبها النظام الجزائري لنفسه.
ونحن كمغاربة كيف لنا أن نجادل هذه العقلية وكيف يمكن أن نسمح لأنفسنا للنزول إلى هذه المستوى من الخرف ومن الدناءة ومن العفن المثير للغثيان. نربأ بأنفسنا أن نلجأ إلى نفس الأساليب، وخير ما نقول في هذا الصدد أولا نريد أن نقدم العزاء للشعب الجزائري على هذه المصيبة التي ابتلي بها، وثانيا نقف إلى جانب هذا الشعب الشقيق كي ينال حقه من ثرواته فهو أحق بتلك الأموال من انفصاليين يخدمون أجندة الجنرالات وأحق من اللوبيات الأمريكية التي يغريها لحد الساعة الجنرالات بأموال الشعب ضدا في المغرب، فما هذا الذي يستفيد منه أشقاؤنا في الجزائر؟ وثالثا ردنا كمغاربة على كابرانات السوء ستكون حضارية علاماتها الفارقة هو الانكباب على قضايانا الداخلية بالمضي في مشاريع التنمية والبناء والتشييد. ونقول لرجال النظام الجزائري لن نلتفت إليكم ولن نقع في خبثكم. وما تسوقونه ضد المغرب يدل على الشعور بقزميتكم أمام بلد قوي بتاريخه قوي بنظامه قوي بإنجازاته، كما يدل على الانتكاسة التي ألحقها بكم المغرب في الأسابيع الأخيرة والتي يشهد عنها العالم بمواقفه المؤيدة للطروحات المغربية. وقد يصدق فيكم قول الله سبحانه “ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله”.