السبت 6 مارس 2021 – 09:16
مثل الغريق الذي يدفعه تعنته إلى رفض أي مساعدة من إخوانه، بسبب غرور زائف، يواصل المسؤولون في الجزائر استهلاك مواد إعلامية منتهية الصلاحية ومسمومة، قد تؤدي إلى انهيار البلاد.
وبينما يكمن الحل بالنسبة لهذا البلد “الجائر” في فتح الحدود، والقطع مع الوهم، ومد اليد لمصافحة اليد الممدودة من المغرب، لبناء تحالف قوي في شمال إفريقيا لمواجهة التحديات المقبلة، فضل حكام الجزائر العودة إلى الوراء ليتحولوا إلى مجرد “مقاطعة” تركية في خدمة أجندة الباشا التركي.
كان بإمكان الجزائر أن تكون أحسن حالا مما هي عليه اليوم، حيث تنتشر المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام في كل مكان، لو أنها لم تستسلم للوهم، الذي يقول إن بإمكانها أن تشكل تحالفا اقتصاديا مع تركيا لغزو إفريقيا. لقد كان على الجزائريين أن يتذكروا فقط أيام خضوعهم للاستعمار التركي، أيام الداي حسين سنة 1827، وقتها ضرب الباشا العثماني القنصل الفرنسي بيار دوفال بمروحة وطرده بشكل مهين من قصره، فكانت هذه الحادثة، حادثة المروحة، سببا في استعمار الجزائر لمدة تزيد عن 130 عاما من طرف فرنسا، التي هجمت على الجزائريين بدعوى استرجاع مكانتها وشرفها، ولعل من غرائب التاريخ أن فرنسا في ذلك الوقت كانت مدينة للجزائر، قبل أن يدور الزمان دورته لتصبح مجرد مقاطعة تابعة للإليزيه.
اليوم ترتمي الجزائر في حضن سلطان تركيا، بينما لا تزال عقدة العثمانيين هي المغرب. ولمن لا يعرف قصة العثمانيين مع المغاربة، يكفيه أن يعرف فقط أن السلطان سليمان القانوني، الذي يتم تلميع صورته عبر الأفلام والوثائقيات المفبركة، كان يسميه السلطان المغربي، وهو في عز قوته، “سلطان الحواتة”، وكان العثمانيون قد تمكنوا في وقت من الأوقات من استعمار مصر وتونس وليبيا والجزائر، لكنهم عجزوا عن احتلال المغرب، رغم الغزوات المتتالية، والمؤامرات التي لا تنتهي، بما فيها مؤامرتهم لاغتيال سلطان المغرب محمد الشيخ، بعد أن تمكن عدد كبير من العثمانيين من التسلل إلى حرسه الخاص، ولكن الأقدار شاءت أن ينتقم الابن لأبيه، في معركة تاريخية، حيث انتصر السلطان المغربي الغالب بالله على العثمانيين قرب وادي اللبن خلال شهر أبريل من سنة 1558، وكانت تلك المعركة عنوانا لنهاية الأطماع التركية في المغرب.
اليوم تحاول الجزائر التحالف مع تركيا ضد المشاريع المغربية في إفريقيا، وصدى كلمات أردوغان يتردد في الإعلام المخادع، حيث تكرر أكثر من مرة القول بأن “أردوغان يعرب لتبون عن استعداد بلاده لمرافقة الجزائر في مرحلتها الجديدة”، ويا لها من مرحلة جديدة، حيث تتواصل المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، وحيث يحصر عسكر الجزائر نفسه وشعبه في الزاوية الضيقة للخراب.
إن الجزائريين يطالبون بدولة مدنية ويقولون: “لقد أكلتم البلد أيها اللصوص”.. وفي ذلك عبرة لمن يعتبر.