في تحدٍّ واضح بين الرجلين، استطاع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تمرير قانون “الكيف” خلال أشغال المجلس الحكومي الأخير، ليوجه بذلك ضربة موجعه إلى غريمه السياسي داخل الحزب عبد الإله بنكيران، الذي سبق له أن هدد بترك “المصباح” في حال تمت المصادقة على قانون “القنب الهندي”.

وأعلن عبد الإله بنكيران أنه قرر تجميد عضويته في حزب العدالة والتنمية بعد مصادقة المجلس الحكومي على مشروع قانون تقنين القنب الهندي، موضحا في “إعلام” نشره على صفحته الرسمية بـ”فيسبوك” أنه قرر أيضا قطع علاقته مع سعد الدين العثماني ومصطفى الرميد ولحسن الداودي وعبد العزيز الرباح ومحمد أمكراز.

ويسعى بنكيران إلى قيادة الغاضبين من توجه فريق الحزب داخل البرلمان للمصادقة على مشروع قانون “الكيف”؛ إذ يعتبر أن تقنين زراعة نبتة القنب الهندي ليس حلا، وأن “ادعاء تقنين أو إنهاء المتابعة القضائية في حق الناشطين في هذه الزراعة مجرد أوهام يروجها البعض”، موضحا أنه بـ”الرجوع إلى الدراسات، فإنه ليس هناك يقين بالاستعمالات المنفعية لهذه النبتة”.

سعيد لكحل، باحث في الحركات الإسلامية، قال إن “تصدي بنكيران لقانون تقنين الكيف لا يعكس ثباته على مبادئ الحزب وعقائده الإيديولوجية، ولكنه يفعل ذلك بدوافع أخرى؛ ذلك أن بنكيران إن كانت تعنيه مبادئ الحزب في حد ذاتها، لكان أعلن عن رفضه المطلق لقرار استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل”.

وتساءل المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، “أليس بنكيران هو من حث قيادة الحزب وأعضاء مجلسه الوطني على ضرورة مساندة الأمين العام رئيس الحكومة بعد الانتقادات التي أثارها توقيعه على الإعلان المشترك؟” بين أمريكا وإسرائيل والمغرب.

وأردف المتحدث قائلا: “ما يدفع بنكيران إلى مهاجمة العثماني وبقية الوزراء ومقاطعتهم وإعلان تجميد عضويته بالحزب في انتظار قرار الانسحاب منه في حالة صوت برلمانيوه على مشروع القانون، هو أولا تصفية حسابات شخصية مع تيار الاستوزار بقيادة العثماني والرباح والرميد، الذي لم يساند بنكيران ولم يدعمه بعد إقالته من تشكيل الحكومة الثانية”.

وشدد لكحل في حديثه على أن “بنكيران كان ينتظر من التيار رفض تعيين العثماني رئيسا للحكومة والضغط على النظام عبر التهديد بالانسحاب من أي حكومة لا يقودها أمينه العام حينها، بنكيران نفسه، الذي يدفع اليوم إلى تأزيم العلاقة بين الدولة وبين الحزب بقيادة العثماني؛ إذ لو رفض هذا الأخير برمجة مشروع قانون تقنين الكيف في المجلس الحكومي لوضع نفسه في مواجهة الرأي العام والدولة معا”.

وفي السياق ذاته، اعتبر لكحل أن “بنكيران أقصي من رئاسة الحكومة ورئاسة الحزب وفي حلقه غصة وفي نفسه ضغينة”، مبرزا أنه “يحاول لعب دور الموجه للحزب ولأمينه العام وبقية الوزراء: فبنكيران لم يستسغ إبعاده من مراكز القرار داخل الحزب؛ لهذا يستغل أي فرصة ليلعب دور الموجه والمتحكم في القرارات الرئيسية للحزب. بنكيران يعتبر نفسه هو الحزب، وهو ولي نعمة كل أعضاء قيادته ووزرائه، وعليهم الائتمار بأوامره”.

ووقف المحلل ذاته عند ما اعتبرها الزعامة السياسية لبنكيران؛ بحيث إن الأخير “لا يعتبر نفسه شخصية عادية، بل يقدم نفسه ويتصرف كزعيم مؤثر في الحياة الحزبية والسياسية للدولة. فجنون العظمة الذي أصاب بنكيران منذ رئاسته للحكومة، خصوصا وأنه كان يوجه تهديداته للدولة في كل منعطف سياسي: تعديل الدستور، الانتخابات، وكانت الدولة تستجيب له، أصابه بالغرور، خصوصا بعد الامتيازات الكبيرة التي ظل يتمتع بها حتى بعد إقالته، إلى أن بات يعتقد أنه صاحب القرار في كل القضايا العامة، بما فيها مسألة تقنين الكيف”.

وختم لكحل تصريحه بالقول إن “بنكيران لم ينتبه إلى كونه صار شخصا غير مرغوب فيه، وخرجاته هذه هي بمثابة شطحات الطائر المذبوح، فلما أراد أن يقول للدولة: أنا هنا، وللحزب: أنا المرشد الأعلى، وجد صوته بدون صدى” على حد تعبيره.

hespress.com