يعيش قطاع التعليم منذ شهور على وقع احتجاجات لا تنتهي، إذ لا يكاد يمر أسبوع دون خوض الأطر التربوية، من أساتذة وإداريين، وقفات ومسيرات احتجاجية واعتصامات، في وقت توقف فيه الحوار الاجتماعي القطاعي بين الوزارة والنقابات التعليمية منذ مدة طويلة.
ويعود آخر اجتماع حضره سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية، مع النقابات التعليمية الستّ الأكثر تمثيلية إلى يوم 25 فبراير 2019؛ بينما انعقد آخر اجتماع بين النقابات وممثلي الوزير في شهر يناير 2020، ومنذ ذلك التاريخ توقف الحوار بين الطرفين.
“مقاطعة” الوزير أمزازي للحوار مع النقابات أججت احتجاجات الأطر التربوية المعنية، التي تخوض اعتصامات مفتوحة وتقوم بإضراب عن العمل؛ بل إن الأساتذة حاملي الشهادات المطالبين بالترقية يستعدون لخوض إضراب عن الطعام بداية من الأسبوع المقبل.
من جهتها، تخوض الأطر التربوية احتجاجات مستمرة زادت حدتها منذ مطلع شهر مارس الجاري، حيث أعلن مديرو المؤسسات التعليمية عن الدخول في اعتصام وتسطير أشكال احتجاجية تحت شعار “اللا عودة إلى غاية تحقيق المطالب”.
وبالرغم من أن الموسم الدراسي الحالي يجري في ظروف استثنائية بسبب جائحة فيروس “كورونا”، حيث لا يدرس التلاميذ حضوريا سوى بنسبة خمسين في المائة، فإن إغلاق الوزارة لباب الحوار مع النقابات يُنذر بانعكاسات سلبية على التحصيل الدراسي للتلاميذ أيضا.
وأفاد عبد الغني الراقي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بأن ممثلي النقابة في إحدى جهات المملكة رصدوا غياب التلاميذ عن الدراسة بشكل لافت، بعد دخول الأطر التربوية في اعتصامها.
وحذر الراقي من تبعات تعليق وزارة التربية الوطنية للحوار مع النقابات الأكثر تمثيلية، حيث تتراكم الملفات بسبب غياب المعالجة، وبلغت إلى حد الآن 23 ملفا، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي بين أطراف التفاوض في أربعة ملفات فقط؛ لكن الوزارة لم تبادر إلى تنفيذ ما تم التوصل إليه إلى حد الآن.
في هذا الإطار، قال عبد الغني الراقي إن وزارة التربية الوطنية أبدت موافقتها على المقترحات التي قدمتها النقابات في الملفات الأربعة التي تم التفاهم حولها؛ “لكن لم يتم الالتزام بما اتفقنا عليه، لأن الوزارة تتهرب من إصدار مراسيم التنفيذ، وتتهرب من حل باقي الملفات العالقة”.
واعتبر الفاعل النقابي نفسه أن الحوار بين وزارة التربية الوطنية والنقابات الأكثر تمثيلية “منعدم”، حيث كانت آخر جلسة حوار مع ممثل الوزير يوم 21 يناير 2020، ذاهبا إلى وصف التبريرات التي يعلل بها أمزازي إغلاق باب الحوار بـ”الواهية”.
وأوضح المتحدث ذاته قائلا: “الوزير يرفض أن تُصدر النقابات بلاغات لإحاطة الرأي العام بما يجري على الساحة، وهذا تبرير واهٍ، وكأنه يريد أن نطبّل له”، مضيفا: “من حقه أن يقول ما يريد، ومن حقنا، نحن أيضا، أن نعبّر عن مواقفنا وأن نعارض ما نراه غير معقول”.
وتشهد الساحة التعليمية احتجاجية متزامنة لعدد من فئات الشغيلة التربوية، فعلاوة على احتجاجات مديري المؤسسات التعليمية، يحتج أيضا الأساتذة المقصيون خارج السلم والأساتذة حاملو الشهادات المطالبون بالترقية والأساتذة الموظفون في إطار التعاقد وأطر التخطيط والتوجيه التربوي.
وتوقع عبد الغني الراقي أن تتأجج احتجاجات الأطر التربوية بسبب توقف الحوار من جانب وزارة التربية الوطنية مع النقابات التعليمية، مشيرا إلى أن التلاميذ هم الذين يدفعون ثمن الاحتجاجات، ومنتقدا الوزارة الوصية على القطاع والحكومة بقوله: “عادة حين تقترب الانتخابات تعمل الوزارات على حل مشاكل القطاعات التي تشرف عليها، ولكن بالنسبة لوزارة التربية الوطنية لا حياة لمن تنادي”.