قال حسن بلوان، خبير في العلاقات الدولية، إنه لا يمكن تفسير قرار الجزائر إزاء سكان منطقة العرجة إلا في إطار الاستفزازات المتكررة لنظام العسكر تجاه المغرب، لا من حيث التوقيت ولا من حيث الشكل والطريقة، بحكم الوقائع المتسارعة بين البلدين وتداخل أحداث الماضي والحاضر.

وأضاف بلوان في تصريح لهسبريس أنه “من المعلوم أن مسألة الحدود حساسة جدا في العلاقات بين البلدين، وقد تمخضت عنها اتفاقية 1972 التي كانت مجحفة في حق المغرب ولكنه قبلها بحسن نية رغم أنها اقتطعت أماكن مهمة من واحاته الشرقية. وفي هذا السياق، توجد منطقة فكيك في قلب هذه الحساسية؛ إذ تحيط بها الحدود الجزائرية من ثلاث جهات، مما ساهم في التداخل السكاني (المغربي الجزائري) ديمغرافيا وثقافيا واقتصاديا منذ عقود سابقة، وهذا هو أصل المشكل في ملف العرجة الطارئ”.

واستدرك قائلا: “لكن اختيار النظام الجزائري لهذا التوقيت بالضبط من أجل إخطار مغاربة واحة العرجة بإخلائها الفوري وقد عمروها لعقود واستثمروا فيها لسنوات، يطرح أكثر من علامة استفهام ويتجاوز تسوية مسألة حدودية إلى رد فعل صبياني على نجاحات واختراقات المغرب في قضية الصحراء المغربية، خصوصا وأن الأعراف والتقاليد الدولية تقتضي حل مسائل الحدود بطرق دبلوماسية تراعي بالأساس حقوق واستقرار ساكنة المنطقة”.

واعتبر الخبير في العلاقات الدولية أن قرار الجزائر المتعصب تجاه ساكنة العرجة ورد الفعل المغربي المتوازن والحكيم في المنطقة، يمكن قراءتهما من زوايا متعددة.

أولها تهم تشنج واضطراب صانع القرار الجزائري تجاه المغرب بفعل عاملين: النجاح المغربي اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسيا، مقابل نظام جزائري يراكم التجارب والقرارات الفاشلة والمرتبكة.

وثانيها أنه لا يمكن فصل هذا القرار عن الأوضاع الداخلية للجزائر، حيث اشتداد حالة الاحتقان الشعبي ضد الطغمة العسكرية الحاكمة، ولا يمكن مواجهة هذا المد إلا باختلاق مشاكل خارجية والتلويح بالخطر الخارجي.

وفي مقابل ذلك، تحدث بلوان عن “التعامل الحكيم للدولة المغربية التي نأت بنفسها عن تجاذبات فارغة مع الجزائر، خاصة مع المكتسبات الهامة التي حققتها في ملف الصحراء المغربية أمريكيا وإفريقيا وأوروبيا ودوليا”، معتبرا أن المغرب لا يمكن أن ينجر إلى مثل هذه الاستفزازات، وأن له باع طويل في هذا المضمار، مذكرا بأنه “لم ينجر لردود الفعل عندما قام بومدين بطرد المغاربة المستثمرين في الجزائر سنة 1975”.

وعليه، فإن “الاستراتيجية المغربية في الملف تقوم على التوازن والاهتمام بمغاربة العرجة المتضررين وتعويض خسائرهم المادية والاقتصادية والنفسية، دون الدخول في رد فعل قد يكون مكلف عسكريا ودبلوماسيا”، يواصل الخبير في العلاقات الدولية.

وشدد في هذا السياق على “الوثوق في التدابير والخطوات الاستراتيجية التي اتخذتها الدولة المغربية في الملف-بعيدا عن الخطابات العاطفية-خدمة لمصلحة الوطن والمواطنين في هذه المنطقة”.

hespress.com