بدأت تتضح معالمُ كيفية أجرأة تقنين زراعة القنب الهندي “الكيف”، بعد أن صادقت عليه الحكومة ويَنتظر مصادقة غرفتي البرلمان، حيث ستنحصر الأراضي التي ستُزرع فيها نبتة “الكيف”، خلال المرحلة الأولى، على المناطق التاريخية لهذه الزراعة.
وانطلقت أولى المشاورات المُمهّدة لتفعيل القانون المتعلق بتقنين زراعة القنب الهندي للاستعمالات الطبية والصناعية، في حال المصادقة عليه من طرف البرلمان، بين السلطات والجمعيات المهتمة، باجتماع في مقر عمالة إقليم الحسيمة، بين فريد شوراق، عامل الإقليم، ورئيس دائرة كتامة من جهة وجمعيات المجتمع المدني من جهة ثانية.
أولى ثمار الانخراط في مشروع تقنين زراعة القنب الهندي هي أن مشروع القانون سيمكّن من إسقاط المتابعات في حق المزارعين المتابعين من طرف السلطات، حسب ما أخبر به عامل إقليم الحسيمة ممثلي جمعيات المجتمع المدني.
ولم يتم تحديد أجَل معيّن لموعد الشروع في إسقاط المتابعات في حق المزارعين المبحوث عنهم، حسب إفادة محمد شيبة، أحد الفاعلين الجمعويين بالحسيمة، مشيرا إلى أن السلطات تربط إسقاط المتابعات في حق المزارعين بانخراطهم في مشروع تقنين زراعة القنب الهندي.
وسيشمل مشروع تقنين زراعة القنب الهندي، في المرحلة الأولى، مناطق كتامة وبني سدات وبني خالد؛ وهي المناطق التي انطلقت منها زراعة نبتة “الكيف” منذ عقود طويلة، قبل أن تمتدَّ إلى مناطق أخرى في شمال المملكة، ابتداء من تسعينيات القرن الماضي. ولاحقا، سيتوسّع مجال زراعة القنب الهندي، بعد تقنينه ليشمل 98 جماعة بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة.
وفيما لا يزال النقاش مستمرا حول مشروع تقنين القنب الهندي للاستعمالات الطبية والصناعية على مستوى الأغلبية الحكومية، حيث لم يحظ بالموافقة الكاملة من طرف حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة؛ قال عامل إقليم الحسيمة، في اجتماع أمس، إن هذا المشروع سيسمح بتنمية حقيقية للمنطقة برمتها على كافة المستويات، بالنظر إلى الإيرادات المالية لتجارة القنب الهندي التي تتجاوز 20 مليار دولار.
ويبدو أنّ السلطات تراهن، بعد تمرير مشروع قانون تقنين زراعة القنب الهندي من طرف الحكومة، في انتظار المصادقة عليه في البرلمان، على إقناع المزارعين بأهمية هذا المشروع والانخراط، حيث دعا عامل الحسيمة إلى تضافر الجهود من أجل إنجاحه، عبر تنظيم لقاءات تواصلية لطمْأنة الساكنة.
وبينما يتخوف المتحفظون عن مشروع تقنين زراعة القنب الهندي للاستعمالات الطبية والصناعية من أن لا يُفضي التقنين إلى استفادة المزارعين، والمنطقة بشكل عام، قال عامل إقليم الحسيمة، في تفاعله مع أسئلة ممثلي الجمعيات الذين التقاهم أمس، إنّ وحدات الإنتاج التي ستشتغل في مجال تحويل القنب الهندي إلى مواد للاستعمالات الطبية والصناعية ستُقام داخل المجال الترابي للمناطق ذاتها التي ستزرع فيها هذه النبتة.
وأشار فريد شوراق، عامل إقليم الحسيمة، إلى أنّ إقامة الوحدات الإنتاجية في المناطق التي سيُزرع فيها القنّب الهندي بعد تقنينه سيعزز البنيات التحتية الضرورية لمثل هذه المشاريع، وسيحرك الدورة الاقتصادية، ويوفر فرص الشغل لليد العاملة المحلية.
وبخصوص إشكاليات تمليك الأراضي في إطار التحديد الغابوي، أكد المسؤول الترابي ذاته على الانخراط التام لإدارة المياه والغابات في إنجاح مشروع التقنين، عبر تقديم مجموعة من التسهيلات لتمكين الفلاحين من تسوية ملفاتهم وتمليك أراضيهم سواء عبر الكراء أو الشراء بأثمان جد مناسبة.