منذ ثمانية أشهر تشتغل فاطمة في داخلية إعدادية الحسن بن علي، التابعة للمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بمولاي يعقوب، دون أن تحصل على أجر نظير العمل الشاق الذي تقوم به، وعندما تعبت، هي وسيّدتان أخريان تعملان معها، من المطالبة بحقوقهن المادية، لجأن إلى الإضراب عن العمل.

بدأت معاناة السيدات الثلاث مع حرمانهن من أجورهن من طرف الشركة المكلّفة بتدبير الإطعام المدرسي في الثانوية الإعدادية الحسن بن علي منذ شهر يوليوز من السنة المنصرمة، إذ لم يحصُلن على أجر 20 يوما، رغم أنهن اشتغلن طيلة الشهر الأخير من الموسم الدراسي قبل العطلة الصيفية.

“دازت علينا حتى مرضنا. شبعنا تمارة وكانت كورونا وما خلصوناش”، تقول فاطمة، غير أن مسلسل معاناتها هي وزميلتاها سيتواصل مباشرة بعد انطلاق الموسم الدراسي الجاري، إذ استأنفْن عملهن ابتداء من شهر شتنبر 2020، وفي كل مرة يطالبْن بأجْرهن يواجَهْن بالتسويف، إلى أن نفد صبرهن بعد ثمانية أشهر من العمل بدون أجر، فقررن الإضراب عن العمل، علّ مسؤولي الوزارة الوصية على القطاع يلتفتون إلى وضعيتهن.

تقول فاطمة في تصريح لهسبريس: “ملي طالبنا بالخلصة ديالنا فشهر تسعود قالوا لينا غير خدمو، وبقينا خدامات تال نونبر وما عطاونا والو”. وحينما تحدّثت السيدات الثلاث إلى مسؤولي المؤسسة التعليمية التي يشتغلن فيها، وهددن بالإضراب عن العمل، كان جوابهم: “سيرو تخدمو ولا نديرو بكم تقرير للمديرية الإقليمية”.

ولم تجد السيدات المحرومات من أجرهن بُدا من الاستمرار في عملهن، مع الاستمرار في المطالبة بحقوقهن المادية، وأفضى ضغطهن، خلال شهر مارس الجاري، إلى ظهور شخص أخبرهن بأنه مبعوث من طرف إدارة الشركة المشغّلة لهن، حاملا إليهن مبلغا ماليا هزيلا، ومعه كثير من الحيْف.

وحسب إفادة فاطمة فإن الشخص الموفد إليهن أخبرهن بأن الشركة ستحتسب لهن خمسة أيام عمل فقط من شهر أكتوبر، و28 يوما من شهر نونبر، و23 يوما من شهر دجنبر، فرفضْن العرض، على اعتبار أنهن اشتغلن هذه الشهور كاملة، لكن صدّمتهن لم تتوقف عن هذا الحد، بل فوجئن بأن المبلغ المالي الذي أرسلته إليهن الشركة لا يتعدى 1700 درهم عن ثلاثة أشهر من العمل المستمر، حسب إفادة فاطمة.

ورغم وضعهن أمام الأمر الواقع، رفضت المعنيات تسلّم المبلغ المالي الهزيل المعروض عليهن، وقررن الدخول في إضراب عن العمل، ليعود المبعوث نفسه مرة أخرى، عشية العطلة الربيعية، حاملا إليهن تعويضا ماليا لا يتعدى 2100 درهم، اضررْن إلى مسْكه بعد تدخّل مدير المؤسسة، الذي طلب منهن قبول المبلغ على أساس أن يتدخل المدير الإقليمي لتسوية وضعيتهن، وهو الوعد الذي لم يتحقق، حسب إفادة فاطمة.

وفي ضوء التسويف الذي يُواجَه به مطلبهن المتعلق بتمكينهن من أجورهن كاملة، قررت السيدات الثلاث الدخول في إضراب عن العمل مع استئناف الدراسة غدا الإثنين، وهي الخطوة التي تدعمها التنسيقية الإقليمية لعاملات وعمال الطبخ والإطعام المدرسي بداخليات المديرية الإقليمية لمولاي يعقوب.

وأعلنت التنسيقية المذكورة في بيان أن العاملين في هذا القطاع بالمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بمولاي يعقوب سيدخلون في إضراب عن العمل “من أجل تطبيق مدونة الشغل، وصرف أجور العاملات فورا دون قيد أو شرط أو مماطلة”، معتبرة أن عاملات الطبخ والإطعام بداخليات المديرية المذكورة “يعشْن أوضاعا مزرية وخطيرة بسبب هدر حقوقهن منذ سنوات طويلة”.

وكشف احتجاج العاملات في داخليات المديرية الإقليمية بمولاي يعقوب حجم الاستغلال الذي يتعرضن له، إذ أكدت فاطمة أنها وزميلتيها يشتغلن بدوام كامل، ويؤدّين وظائف متعددة، لكنهن لا يتمتّعن حتى بالانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ولا يتعدّى الأجر الذي كنّ يحصلن علي بدون أي وصْل أو وثيقة تسليم 850 درهما، أي ثلث الحد الأدنى للأجر القانوني المنصوص عليه في مدونة الشغل.

وأضافت المتحدثة: “فينا كلشي. كنطيّبو ونسيّقو ونغسلو المّاعن ونخرّجو الزبل ونسْربيوْ الماكلة وندخّلو الخضرة. كنديرو خدمة مضوبلة، وما عارفنش باش خدامين، واش بالساعة ولا النهار ولا الشهر”، مضيفة: “الشركة كيقولو لينا بلي خدامين بالوجبة، وملي حسبات المقتصدة لقات بأننا خصنا نتخلصو 52 ألف ريال فالشهر، وهوما عطاونا 42 ألف ريال فثمانية شهور، وما عندنا حتى ورقة (تقصد عقد العمل)”.

هذه المعطيات زكتها التنسيقية الإقليمية لعاملات وعمال الطبخ والإطعام المدرسي بداخليات المديرية الإقليمية لمولاي يعقوب، إذ أكدت أن العاملات تتعرض حقوقهن للهدر منذ سنوات طويلة، ومنهن من وصل عدد سنوات عملهن في الداخلية بدون عقد أو وثيقة تثبت انتسابهن إلى هذا العمل 11 سنة، إضافة إلى توقيف أجرة بعضهن منذ يوليوز 2020، وبعضهن الآخر منذ شهر شتنبر، علما أنهن يعملن لساعات قد تتجاوز 14 ساعة في اليوم، وفق المصدر نفسه.

hespress.com