رسل الجحيم


سعيد ابن عائشة


الأحد 28 مارس 2021 – 09:21

“لا يمكن للدم أن يصبح ماء”، ولكن هناك من لا يفرق بن “سفك” الدماء وسكب الماء. وإذا كان المجتمع في غالبيته مكونا من مواطنين عاديين لهم حياتهم الإنسانية الخاصة، المكونة من مشاعر ومشاكل ذاتية ومشاكل اقتصادية وسياسية… (كان الله في عون الجميع)، فإن ذلك لا يمنع من وجود “ذئاب” تنتحل صفات آدمية في انتظار توجيه الضربة الأخيرة للحضارة الإنسانية، أوفي انتظار تفجير الأوضاع. إنهم رسل الجحيم بكل بساطة.

يقتسمون معنا الطعام نفسه والأسواق ذاتها والهواء عينه والماء نفسه، لكنهم ينتجون بخلاف الجميع “مواد التطرف”، ومن لم يستطع فإنه يكتفي بنشر أفكاره في انتظار اللحظة المناسبة لإغراق المجتمع في الدماء، بل إنهم يعتبرون أنفسهم “أصحاب فكر وعمل” يستحقان التصدير والاستيراد من بلد إلى آخر، والمغرب ليس استثناء مع الأسف. ما معنى أن يكون بيننا أربعة أشخاص في وجدة، تم إلقاء القبض عليهم مؤخرا بتنسيق بين المخابرات المغربية والأمريكية، كانوا بصدد التحضير لاستهداف منطقة الساحل الإفريقي، عبر مشروع إرهابي تم تحضيره بين ظهران مواطنين أبرياء استيقظوا على وقع مطاردات هوليودية، عرضت بعضهم للخطر، نتيجة استعمال القنابل الصوتية ومتفجرات التدخل السريع.

أربعة أشخاص خامسهم أميرهم، في تنظيم “داعش”، خزنوا المواد المتفجرة، وراية الدولة الوهمية التخريبية، وأخطر من ذلك تمكنوا عبر “نفاقهم” من خداع مجتمع بكامله. ربما كان الوطن يعول عليهم لأداء خدمة وطنية، وربما كانت الأم تنتظر تعويضا رمزيا من فلذة كبدها، وربما كان الأب ينتظر إنصافا من الأقدار لظروفه عبر أبنائه، وربما كانت هناك امرأة تنتظر زوجا. ولكن رسل الجحيم لا يفكرون إلا في “طاعة زعيم العصابة” الذي يتقمص شخصية أمير، مستغلا “تجارة الإرهاب” التي باتت تهدد كل المنطقة المغاربية ودول الساحل الإفريقي.

نجح المغرب حتى الآن في مواجهة جذور الإرهاب، والأعين لا تنام، ولكن اكتشاف “خلية وجدة”، التي توجد غير بعيد عن منطقة فكيك التي استيقظت على وقع استفزازات دولة شاردة عن المنطق والتاريخ، يؤكد “أن من الحزم سوء الظن”، ولا سبيل أمام الجيران للإفلات من آفة الإرهاب إلا الاقتداء بالمغرب.

في وجدة، وفي تمارة، وفي سلا، وفي مراكش والدار البيضاء، وعند “شمهروش”… تسللت الأيادي الغادرة، وما زالت تحاول التسلل، للإساءة لسمعة الوطن، وكأن الوطن ليس واحدا، وكأن الله ليس واحدا. إنها فلسفة رسل الجحيم، حفظ الله بلادنا. وشكرا لكل من يساهم في محاربة الإرهاب، والفكر المؤدي للتطرف، والشكر موصول لكل مواطن لا تنطلي عليه “حيلة” أمراء الجهل.

إنه خلاف في شكل الدولة وشكل الوطن، خلاف في الجوهر لا يمكن إخفاؤه بمساحيق التجميل، دون عقاب، ولا معنى بتاتا أن يكون بين المغاربة الطامحين للعيش الكريم، الصابرين على وطنهم حتى ينهض بين الأمم، مخلوقات تنتظر “الساعة” التي تخرب فيها كل شيء، حيث يصبح لكل زنقة “أمير” ولكل شارع “خليفة”.

المخابرات رسل الجحيم مشروع إرهابي منطقة الساحل الإفريقي

hespress.com