يحاول المؤرخ المغربي المعطي منجب أن يقارب بين قوتين “متناقضتين” داخل المجتمع، من باب توسيع ”هامش” المناورة لتحقيق ديمقراطية “كاملة”، كما يقول، القوة الإسلامية “المعتدلة” والقوة اليسارية؛ لكن هذه المحاولة تصطدم دوما برفض واسع من طرف بعض الوجوه اليسارية المغربية، بسبب قضية محمد بنعيسى آيت الجيد.

وأثار خروج منجب في تصريحات إعلامية بشأن قضية آيت الجيد ومحاولة تبرئة الطرف الإسلامي في القضية الكثير من ردود الفعل الغاضبة من هذه الخطوة، التي اعتبر نور الدين جرير، الناطق الرسمي باسم الطلبة القاعديين التقدميين نهاية الثمانينيات، أن “فيها تحاملا وتزويرا لحقائق تاريخية تستحق وضعها رهن إشارة الرأي العام”.

وقال منجب إن “قضية آيت الجيد” طالها التقادم، وإن الشاهد في هذه القضية سبق أن حوكم من أجل ذلك”؛ وهو ما يرفضه الناشط حماد بدوي، الذي قال: “عندما يتعلق الأمر بالشهيد محمد بنعيسى يبدو أنك لا تتصرف كمؤرخ، وأنك لا تمحص الوقائع والشواهد كما يقتضي الأمر من دارس للتاريخ مثلك”.

وأضاف بدوي في رده على ادعاءات منجب: “سرديتك عن الصراع داخل الجامعة بين “اليساريين والإسلاميين” لا تستند إلى وقائع تاريخية شاملة، وهي مكيفة لتخدم أطروحتك المركزية حول “تطور الحركة الإسلامية إلى حركة ديمقراطية”.

وقال الناشط ذاته بأن “اغتيال الشهيد بنعيسى، الذي لا تراه إلا نكرة، قد حدث في سياق محاولة استئصال اليسار الجامعي على مدار سنوات، والذي توج بما هي عليه الجامعة اليوم من تراجع على كل المستويات”.

أما سعيد زريوح، الذي كان من بين رفاق بنعيسى آيت الجيد، فوجه هو الآخر رسالة إلى المعطي منجب، قال فيها: “من حقك أنت وأصدقائك في الفكرة، أن تحاولوا تذليل المسافات بين اليمين واليسار والماضويين والتقدميين حتى تتشكل جبهة وكتلة وازنة ضد المخزن”.

وأضاف الناشط اليساري ذاته: ”من حقك، السيد المعطي منجب، أن تنتمي إلى كل التنظيمات السياسية التي تريد، دون أن تمتلك بطاقة عضوية واحدة حتى تتمكن من الحضور في كل غرف صياغة القرار المعارض وتلعب دور المنسق وصائغ البيانات والبلاغات.. من حقك ومن صلب حريتك أن تمارس السياسة بالطريقة التي تفيدك وتفيد عائلتك”.

واستدرك زريوح كلامه: “لكن ليس من حقك أن تزور التاريخ، وتقتل الشهداء مرتين وتمسح آثار الاغتيال السياسي بتصريح عابر في حوار عابر. ليس من حقك، أيها المعطي، التصرف في دم الشهداء؛ وحتى اعتقالك كمعارض سياسي لا يمنحك شرعية إعادة كتابة التاريخ بما يفيد نزواتك السياسية”.

وختم حديثه قائلا: “دم الشهيد آيت الجيد بنعيسى لم ولن يكون مادة للمساوات والمقايضات السياسية؛ لأن هذا الدم سال فداء لقيم كبيرة، وليس لأسباب سياسوية عابرة”.

hespress.com