تحركت الدبلوماسية الجزائرية بشكل مكثف على امتداد الأيام القليلة الماضية، فبعد الجلسات مع الجار الشمالي، توجه وزير الداخلية الجزائري، كمال بلجود، صوب موريتانيا لمحاولة ضم صوتها إلى معارضة المصالح المغربية، بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة المملكة على الصحراء.

ويبحث الطرفان تدفق السلع وتنقل الأشخاص عبر المعابر، وكذلك تعزيز الوضع الأمني على الحدود المشتركة، وتدارس المخاطر الأمنية والتهديدات، خاصة منع النشاط الإرهابي أو عصابات تهريب الأشخاص المهاجرين غير القانونيين وتهريب المخدرات والسلع المحظورة.

ولا ينظر الجانب المغربي إلى التحركات الجزائرية في موريتانيا باطمئنان، خصوصا بعد تراجع وزارة خارجية شنقيط عن زيارة الرباط، ومضي الرئاسة بمعية بعض الأحزاب في اللقاء بأعضاء جبهة البوليساريو والترويج لهم بشكل دوري.

وعاد الدور الموريتاني ليطفو مجددا على السطح خلال الأيام القليلة الماضية باستقبال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لوفد انفصالي بقيادة البشير مصطفى السيد، الذي سلم للرئيس الموريتاني رسالة من زعيم التنظيم الانفصالي إبراهيم غالي.

حسن بلوان، الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، أورد أن النظام الجزائري كثف مناوراته العدائية ضد المغرب من خلال مجموعة من التحركات الدبلوماسية على الصعيدين الإفريقي والأوربي.

وبعد جولة وزير الخارجية الجزائري التي قادته إلى مجموعة من الدول الإفريقية، والتي لم تحقق أهدافها الدعائية، طار بوقادوم نحو إسبانيا لتدعيم العلاقات الثنائية وتنسيق وجهات النظر في مجموعة من القضايا والملفات التي تستهدف المغرب.

وتسخر الجزائر في علاقاتها الخارجية سياستي الإغراء والضغط لترويج دعاية الانفصال المناوئة للمغرب من جهة، ومحاولة تطويقه في عمقه الإستراتيجي شمالا وجنوبا من جهة أخرى، وفق بلوان.

وفي هذا السياق، يضغط النظام الجزائري سياسيا واقتصاديا وحتى عسكريا على موريتانيا لدفعها نحو تغيير موقفها الحيادي تجاه ملف الصحراء؛ كما توظف الجارة الشرقية بعض الأحزاب الموريتانية، خاصة المحسوبة على الإسلام السياسي المناوئ للوحدة الترابية.

أكثر من ذلك، يبرز بلوان، أنه “كلما تباينت وجهات النظر بين المغرب وموريتانيا إلا ودخل النظام الجزائري على خط الخلاف (تأجيل زيارة وزير الخارجية الموريتاني إلى المغرب مقابل ذهاب وزير الداخلية الجزائري إلى موريتانيا)؛ وذلك بهدف خلط الأوراق بعد التقارب المغربي الموريتاني الأخير، والضغط على موريتانيا في مسألة الحدود التي تتخذها جبهة البوليساريو الانفصالية مجالا لأنشطتها الإرهابية والاستفزازية”، على حد قوله.

وعلى العموم، يستنتج بلوان، أنه لا يمكن أن يفرط المغرب في عمقه الإستراتيجي جنوبا، خاصة أنه بدأ علاقات جديدة وجيدة مع موريتانيا، مبنية على التنسيق والتعاون وحفظ المصالح المشتركة في إطار السياسة الفعالة “رابح رابح”.

hespress.com