أثار اعتقال الشرطة الإسبانية لناشط في صفوف جبهة البوليساريو بتهمة التحريض على أعمال إرهابية، تساؤلات عدة حول علاقة التنظيم الانفصالي بالجماعات الإرهابية المتطرفة.

وتزامنا مع اعتقال الناشط الانفصالي بتهمة التحريض على أعمال إرهابية ضد مؤسسات مغربية في إسبانيا وخارجها، سلط معهد مانديلا، وهو مؤسسة بحثية مقرها باريس، بالتعاون مع معهد المستقبل والأمن في أوروبا، الضوء على “التهديد الأمني للبوليساريو في المنطقة الأورو-متوسطية: مسؤولية الجزائر الثابتة”.

وتتوخى الندوة الافتراضية التي جرى تنظيمها يوم فاتح أبريل، بمشاركة خبراء مغاربة ودوليين، تشكيل رأي عام أوروبي واع بالتهديد الذي تشكله البوليساريو كمجموعة مرتزقة أنشأتها الجزائر لخدمة مصالحها الجيو-استراتيجية في منطقة الساحل والمنطقة الأورو-متوسطية.

وخلال مشاركته في اجتماع وزاري للمجموعة المصغرة للتحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، حذر ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، من خطورة تجنيد تنظيمات إرهابية لعناصر من صفوف الجماعات الانفصالية المسلحة واللاجئين الذين يوجدون في وضعية هشة.

وذكر الوزير بوريطة بأن عام 2020 كان الأكثر دموية في منطقة الساحل، بما مجموعه 4250 قتيلا، بزيادة نسبتها 60 في المائة مقارنة بعام 2019، مضيفا أن معظم الضحايا من المدنيين (59 في المائة).

وكشفت معطيات استخباراتية مغربية سابقة أن أزيد من 100 عنصر من جبهة “البوليساريو” ينشطون في صفوف تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”.

وكان مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية (البسيج) نبه إلى أن أمير ما يسمى بتنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء”، عدنان أبو الوليد الصحراوي، قام بعمليات إرهابية عدة في منطقة الساحل، مبرزا أيضا أنه من مدينة العيون المغربية، وله علاقة مع جبهة البوليساريو الانفصالية.

وما يعقد تعقب الانفصاليين الذين يتلقون تدريبا تأطيريا على حمل السلاح داخل مخيمات تندوف بمنطقة الساحل، هو عدم تعاون الاستخبارات الجزائرية مع نظيرتها المغربية، ما يهدد استقرار وسلامة المواطنين بالبلدين، إضافة إلى تأثير ذلك على إضعاف المجهودات الدولية في محاربة الإرهاب بالساحل والصحراء.

وفي وقت توفر فيه الأجهزة الأمنية المغربية معطيات أمنية بالغة الدقة لشركائها، مكنت من إحباط العديد من المخططات الإرهابية في دول أوروبية عدة وأيضا في الولايات المتحدة الأمريكية، ترفض الجارة الجزائر التعاون مع المغرب في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما يثير كثيرا من الأسئلة حول سياساتها في المنطقة، خصوصا أنها تتشارك الحدود مع ثلاث دول من منطقة الساحل.

ونبهت منظمات دولية عديدة إلى العلاقة المتداخلة التي تجمع مافيات تجارة المخدرات بالجماعات الإرهابية وعناصر انفصالية مسلحة تنشط في شمال مالي ومنطقة الساحل، ما دفع العديد من الهيئات إلى المطالبة بوضع البوليساريو على قائمة الإرهاب، سواء التي تصدرها الخارجية الأمريكية أو تلك الصادرة عن الاتحاد الأوروبي.

وباتت الولايات المتحدة الأمريكية تولي أهمية أمنية إلى التطورات التي تجري في منطقة الساحل والصحراء وتراهن على المغرب في تعقب الدواعش بالمنطقة؛ إذ إن أفراد الخلية الإرهابية في مدينة وجدة الذين كانوا يخططون للالتحاق بمعسكرات التنظيم الإرهابي في منطقة الساحل لتنفيذ عمليات قتالية، جرى توقيفهم بفضل التعاون الاستخباراتي بين الرباط وواشنطن.

ويبذل المغرب مجهودات كبيرة في محاربة الإرهاب الإفريقي، وهو ما تجسد من خلال فتح مكتب بالرباط لبرنامج مكافحة الإرهاب والتكوين في إفريقيا، تابع لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.

وتتمثل مهمة مكتب برنامج مكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا بالرباط في دعم برامج مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب من أجل تعزيز قدرة الدول الأعضاء في هذا المجال؛ وذلك عبر تطوير برامج تدريب وطنية ومناهج تدريبية لمكافحة الإرهاب، خاصة في مجال الأبحاث وأمن وإدارة الحدود، وإدارة السجون وفك ارتباط الجناة، وإعادة التأهيل والإدماج وتطوير الممارسات الجيدة.

hespress.com