لا شك أن السلالات المتحورة لفيروس كورونا المستجد تؤرق الخبراء وعلماء الأوبئة، وسط مخاوف من أن تكون أشد انتقالاً وفتكاً، أو أن اللقاحات التي جرى تطويرها لن تظل ناجعة في الوقاية.
ولاكتشاف مقدار الحماية المناعية ضد أي من المتغيرات الجديدة التي يوفرها التطعيم أو عدوى سابقة، أجرى فريق بحثي من معهد باستير في فرنسا دراسة نشرت نتائجها في العدد الأخير من دورية “نيتشر ميدسين”، حيث اختبروا الأجسام المضادة في الدم من الأفراد الذين تم تلقيحهم مؤخراً بجرعتين من لقاح فايزر – بيونتك ومن آخرين أصيبوا بعدوى بالمتغيرات الأقدم، وفق صحيفة “الشرق الأوسط”.
وبشكل عام، أشارت نتائجهم إلى أن الإصابة أو التطعيم وفر حماية جيدة ضد السلالة البريطانةي، لكنه أظهر فاعلية أقل بكثير ضد المتغير الجنوب أفريقي.
وسحب الفريق البحثي عينات من مصل الدم من 58 شخصاً أصيبوا سابقاً بالعدوى لمدة تصل إلى 9 أشهر بعد ظهور أعراضهم، وأعطى بعض المشاركين أكثر من عينة دم واحدة خلال هذه الفترة الزمنية.
“مقاومة جزئياً”
كما قارن الباحثون قدرة الأجسام المضادة في العينات على تحييد المتغيرات. وبعد حوالي 9 أشهر من الإصابة، في 93% من العينات المأخوذة من الأفراد الذين أصيبوا سابقاً بالعدوى، نجحت الأجسام المضادة في تحييد المتغير البريطاني. وعلى النقيض من ذلك، فإن ما يقرب من 40% من العينات لم تحيد البديل الجنوب أفريقي.
من جهته، قال أوليفييه شوارتز، رئيس قسم الفيروسات ووحدة المناعة بمعهد باستير، الباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره موقع “ميديكال نيوز توداي” مطلع أبريل الجاري: “لقد ظهر أن المتغيرات سريعة الانتشار، لا سيما النوع الجنوب أفريقي، أصبحت مقاومة جزئياً للأجسام المضادة التي تم إنتاجها بعد الإصابة الطبيعية”، مضيفاً: “تظهر هذه الفاعلية المنخفضة بشكل خاص بين الأفراد الذين لديهم مستويات منخفضة من الأجسام المضادة”.
(تعبيرية)
“خط دفاع مناعي واحد”
إلى ذلك اختبر الباحثون عينات مصل الدم المأخوذة على فترات من 19 فرداً تلقوا جرعتين من لقاح فايزر – بيونتك بفارق 3 أسابيع. وكانت الأجسام المضادة في هذه العينات قوية ضد المتغير البريطاني، إلا أنها كانت أقل فاعلية ضد متغير جنوب أفريقيا. وزاد متوسط تركيز الأجسام المضادة المعادلة بعد الجرعة الثانية من اللقاح، لكنها ظلت أقل بكثير في المتغير الجنوب أفريقي مقابل البريطاني.
كما شددوا على أن بحثهم “اشتمل على خط دفاع مناعي واحد ضد الفيروس، وهو الأجسام المضادة”، موضحين أن “المناعة الخلوية، التي تتوسط فيها الخلايا التائية، يمكن أن توفر حماية أوسع ضد المتغيرات الناشئة للفيروس“.
(تعبيرية)
وكانت إحدى نقاط القوة الرئيسية للدراسة أنها اختبرت قدرة الأجسام المضادة على تحييد الفيروس نفسه، حيث استخدمت معظم الأبحاث السابقة حول فاعلية تحييد المتغيرات الأخرى فيروسات كاذبة أو فيروسات خيمرية، وهذه جزيئات فيروسية غير ضارة تتضمن بروتين “سبايك” الذي يستخدمه الفيروس للدخول إلى الخلايا المضيفة له.