صورة تمثيلية من الموجات فوق الصوتية للحوض عبر المهبل توضح سماكة بطانة الرحم الشديدة مع الأوعية الدموية الداخلية.
 

يُعد سرطان البطانة الداخلية للرحم، والذي يُطلق عليها اسم بطانة الرحم، أكثر أنواع السرطانات شيوعًا في الجهاز التناسلي للأنثى، ووفقًا لجمعية السرطان الأمريكية، اكتُشِف ما يقدر بنحو 47,130 حالة إصابة جديدة بسرطان الرحم، في الولايات المتحدة في عام 2012، ما أدى إلى نحو 8010 حالة وفاة. الخبر السار هو أن التشخيص يكون ممتازًا إذا اكتُشِف السرطان وعلاجه مبكرًا.

تحدث غالبية إصابات النساء بسرطان الرحم بعد سن اليأس، وتحدث أكثر من نصف الحالات لدى النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 50 و69 عامًا. تميل النساء الأصغر سنًا اللائي يصبن بهذه الحالة إلى السمنة أو أن يكون لديهن استعداد وراثي للمرض. لدى المرأة احتمالية واحد إلى 40 للإصابة بسرطان بطانة الرحم خلال حياتها.

على عكس سرطان المبيض، فإن سرطان بطانة الرحم له أعراض رئيسية يمكن تحديدها في مراحله المبكرة وتشمل: نزيف مهبلي غير طبيعي أو نزيف بعد انقطاع الطمث. يحدث هذا العرض في 90% من حالات سرطان بطانة الرحم. تشمل الأعراض الأخرى ضغط الحوض وكتلة الحوض والإفرازات غير الطبيعية التي لا تشبه الدم وصعوبة وألم أثناء التبول وألم أثناء الجماع.

تعد السمنة والتغيرات غير الطبيعية السرطانية في الرحم من أكبر عوامل الخطر للإصابة بسرطان بطانة الرحم. وتشمل المخاطر الأخرى استخدام هرمون الإستروجين وحده، والداء السكري، والتاريخ العائلي القوي لسرطان القولون، وخاصة نوع من سرطان القولون المعروف ب (HNPCC). تشمل المخاطر الإضافية عدم الإنجاب مطلقًا، وبدء الدورة الشهرية في سن مبكرة وتأخر انقطاع الطمث. يمكن أن تؤدي هذه المخاطر معًا إلى استمرار تحفيز هرمون الاستروجين لأنسجة بطانة الرحم. بعبارة أخرى، تستمر الأنسجة في النمو دون توقف، مؤدية إلى آفة سرطانية في الرحم.

ساركوما الرحم هو نوع أقل شيوعًا من سرطان الرحم، وهو عدواني للغاية. في هذا النوع النادر من سرطان الرحم، وفيه تنشأ الخلايا السرطانية من العضلات أو الأنسجة الأخرى الداعمة للرحم. النساء اللائي تلقين العلاج بجرعات عالية من الأشعة السينية في الحوض لديهن مخاطر عالية للإصابة ببعض أنواع ساركوما الرحم.

تبدأ العديد من ساركومات الرحم بعد انقطاع الطمث. يعتمد التشخيص واختيار العلاج على مرحلة الساركوما ومدى سرعة نمو الخلايا السرطانية والصحة العامة للمرأة.

التشخيص:

العرض الأساسي لسرطان الرحم هو نزيف مهبلي غير طبيعي، خاصة بعد انقطاع الطمث. قد يكون النزيف خفيفًا جدًا لدرجة أنه مجرد إفرازات وردية اللون أو نزيف خفيف من المهبل.

على الرغم من شيوع عدم انتظام فترات الحيض كلما اقتربت الأنثى من سن اليأس، فإن ارتفاع مستويات الهرمونات وانخفاضها بشكل غير متوقع قد تكون أيضًا من أعراض تشوهات الرحم أو سرطان الرحم، أيضًا إذا كان لديكِ تاريخ عائلي أو شُخِّصت إصابتكِ بسرطان القولون الوراثي (HNPCC)، يجب أن تخضعي لفحص سرطان الرحم كل عام بدءًا من سن 35.

تشمل الاختبارات التشخيصية لسرطان الرحم ما يلي:

● خزعة بطانة الرحم: أثناء هذا الإجراء ، يُدخِل الطبيب أداةً صغيرةً عبر المهبل وعنق الرحم ويستخدم الشفط لأخذ عينة صغيرة من نسيج بطانة الرحم، وتُجرى هذه العملية في عيادة الطبيب.

● تنظير الرحم: يسمح تنظير الرحم لأخصائي الرعاية الصحية بالنظر داخل الرحم. يُجرى عادةً إذا كانت خزعة بطانة الرحم غير حاسمة أو في حال استمرار الأعراض. أثناء تنظير الرحم، يُدخَل تلسكوب صغير في الرحم من خلال عنق الرحم، ما يسمح للطبيب برؤية أي تشوهات وأخذ خزعة منها.

● التوسيع والكشط (D&C): إذا كانت خزعة بطانة الرحم غير حاسمة (على سبيل المثال، إذا لم يُحصَل على نسيج كافٍ)، فقد يوصي أخصائي الرعاية الصحية الخاص بك بإجراء D&C لإزالة أجزاء من بطانة الرحم. أثناء التوسيع والكشط، توسَّع فتحة عنق الرحم وتُكشَط جدران الرحم برفق لإزالة أي نمو. ثم تُفحص الأنسجة بحثًا عن خلايا غير طبيعية.

قد تشمل الاختبارات الأخرى اختبارات الدم الروتينية واختبار البول والأشعة السينية على الصدر. إذا كانت الخزعة أو D&C إيجابية، فسيلزم إجراء مزيد من التقييم والعلاج لإزالة السرطان وتقييم مدى انتشار المرض بشكل صحيح. في بعض الحالات، قد يستخدم الفحص بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية أو عمليات مسح أخرى قبل الجراحة.

بالإضافة إلى ذلك، يطلب بعض الأطباء إجراء فحص دم للتحقق من مستويات CA-125، وهي مادة تطلقها في مجرى الدم العديدُ من سرطانات بطانة الرحم والمبيض. يستخدم بعض الأطباء هذا الاختبار لتحديد ما إذا كان ينبغي إجراء الجراحة أو إذا كانت مستويات CA-125 مرتفعةً قبل الجراحة، كمتابعة لمعرفة مدى نجاح العلاج. يمكن أيضًا استخدام هذا الفحص بعد العلاج لمتابعة نمو السرطان.

إن التشخيص المبكر لسرطان الرحم وعلاجه أمرٌ بالغ الأهمية، وغالبًا ما يمكن علاج هذا النوع من السرطانات النسائية بنجاح في مراحله المبكرة.

مراحل سرطان بطانة الرحم:

بعد التشخيص، يصنّف أخصائي الرعاية الصحية المرض لتحديد ما إذا كان قد انتشر. توفر معرفة مرحلة السرطان معلوماتٍ حول خيارات العلاج ومعدلات البقاء على قيد الحياة.

● المرحلة الأولى: يوجد السرطان فقط في الجزء الرئيسي من الرحم. ولم ينتشر إلى الغدد اللمفاوية أو المواقع البعيدة.

● المرحلة الثانية: انتشار الخلايا السرطانية إلى عنق الرحم، ولكن ليس إلى الغدد الليمفاوية أو المواقع البعيدة.

● المرحلة الثالثة: انتشار الخلايا السرطانية خارج الرحم، مثل العقد الليمفاوية أو قناة فالوب أو المبيضين أو المهبل.

● المرحلة الرابعة: انتشار الخلايا السرطانية خارج الحوض ، إلى أجزاء أخرى من الجسم ، إلى بطانة المثانة أو المستقيم و/أو إلى الغدد الليمفاوية في الفخذ. قد ينتشر سرطان بطانة الرحم في المرحلة الرابعة أيضًا إلى أعضاء بعيدة عن الرحم، مثل الرئتين أو الكبد أو العظام.

● تكرار المرض: المرض المتكرر يعني عودة السرطان (تكراره) بعد علاجه.

العلاجات المستخدمة:

العلاج الجراحي: أثناء الجراحة لإزالة الرحم، يحدد الجراح مرحلة السرطان. العلاج الأكثر شيوعًا هو استئصال الرحم الكلي أو الجذري، إذ تُزال الرحم وقناتي فالوب والمبيضين والعقد الليمفاوية التي ينتشر فيها الورم بشكل شائع. يمكن أيضًا استخدام علاجات أخرى -العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي والعلاج الهرموني- لعلاج هذا النوع من المرض.

بعد استئصال الرحم، لن يكون هناك حيض. إذا أزيل المبيضان قبل سن اليأس، فسوف تدخل المريضة على الفور إلى سن اليأس، وعادةً ما تعاني من أعراض انقطاع الطمث، بما في ذلك الهبات الساخنة، وتقلب المزاج، وجفاف المهبل.

العلاج الإشعاعي: يتضمن استخدام جرعات عالية من الأشعة السينية لقتل الخلايا السرطانية وتقليص حجم الأورام. قد يأتي الإشعاع من جهاز خارج الجسم (يسمى الإشعاع الخارجي) أو من زرع مواد تنتج إشعاعًا (النظائر المشعة) عبر أنابيب بلاستيكية رفيعة في المنطقة السرطانية (تسمى الإشعاع الداخلي أو المعالجة الإشعاعية الموضعية). يستخدم الإشعاع أحيانًا بعد الجراحة اعتمادًا على مدى انتشار السرطان. في حال عدم القدرة على إجراء الجراحة ، أو كان المرض متقدمًا جدًا بالنسبة للجراحة، فقد يكون العلاج الإشعاعي هو العلاج الوحيد المتاح. يمكن أيضًا تقديم العلاج الإشعاعي قبل الجراحة لتقليل مدى انتشار المرض.

العلاج الكيميائي: يستخدم العلاج الكيميائي الأدوية لقتل الخلايا السرطانية. عادةً ما تُضخ الأدوية عبر الأوردة وتنتقل في جميع أنحاء الجسم. فهي مصممة لقتل جميع الخلايا سريعة النمو، سواء الخلايا السرطانية أو الخلايا السليمة. يستخدم العلاج الكيميائي في علاج سرطان بطانة الرحم، خاصةً إذا كان ينتشر خارج بطانة الرحم أو إذا كان من النوع شديد العدوانية. إذا كان العلاج الكيميائي جزءًا من العلاج، فمن المحتمل أن تشارك مجموعةٌ من الأدوية، لأن العلاج الكيميائي المركب غالبًا ما يكون أكثر فعالية من دواء واحد بمفرده. تشمل تركيبات العلاج الكيميائي الأكثر شيوعًا كاربوبلاتين (بارابلاتين) مع باكليتاكسيل (تاكسول) وسيسبلاتين (بلاتينول إيه كيو) مع دوكسوروبيسين (أدريامايسين).

يمكن أن يكون فقدان الشهية مشكلة خطيرة للنساء اللواتي يتلقين العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي. ومع ذلك، فإن التغذية مهمةٌ لأنها تساعد على تحمل الآثار الجانبية للعلاج. الغذاء الجيد يعني الحصول على سعرات حرارية كافية لمنع فقدان الوزن ووجود ما يكفي من البروتين في النظام الغذائي لبناء وإصلاح الجلد والشعر والعضلات والأعضاء.

العلاج الهرموني: ويعني استخدام الهرمونات الأنثوية، وهي عقاقير تشبه البروجسترون تُسمّى البروجستين، لإبطاء نمو خلايا سرطان بطانة الرحم. البروجستين الأكثر استخدامًا لعلاج سرطان بطانة الرحم هما ميدروكسي بروجستيرون (بروفيرا) وميجسترول أسيتات (ميجاس). تشمل الآثار الجانبية للبروجستين الغثيان، والتقيؤ، وضيق التنفس الخفيف، والضعف، والهبات الساخنة، ونزيف الحيض، والصداع، والأرق، وانخفاض الدافع الجنسي، والجلطات الدموية. يمكن أيضًا استخدام عقار تاموكسيفين المضاد للإستروجين، والذي يستخدم غالبًا لعلاج سرطان الثدي، في علاج سرطان بطانة الرحم في مراحله المتقدمة أو المتكرر. يعمل عقار تاموكسيفين على منع دوران هرمون الاستروجين في الجسم من خلال تحفيز نمو الخلايا السرطانية. تشمل الآثار الجانبية لتاموكسيفين تجلط الدم وانتباذ بطانة الرحم والسكتة الدماغية ومشاكل الخصوبة وترقق الشعر والأظافر.

يمكن أيضًا استخدام هرمونات تُسمّى ناهضات الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية، والتي توقف إنتاج الإستروجين من المبيض عند النساء قبل انقطاع الطمث، لتقليل مستويات هرمون الاستروجين لدى النساء المصابات بسرطان بطانة الرحم اللائي لا يزال لديهن مبايض. عن طريق خفض مستويات هرمون الاستروجين. تعمل هذه الأدوية، والتي تشمل goserelin وleuprolide، على إبطاء نمو السرطان. تُحقَن ناهضات الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية كل شهر إلى ثلاثة أشهر. تشمل الآثار الجانبية الهبات الساخنة وجفاف المهبل وأعراض انقطاع الطمث الأخرى.

ومع ذلك، تُستأصَل مبايض معظم النساء المصابات بسرطان بطانة الرحم كجزء من العلاج أو تُدمَّر المبايض بالإشعاع، ما يقلل من إنتاج هرمون الاستروجين وقد يبطئ نمو السرطان.

تعد فحوصات المتابعة المنتظمة مهمة جدًا لأي امرأة تعالجت من سرطان الرحم. سيرغب أخصائي الرعاية الصحية في مراقبتكِ عن كثب لعدة سنوات للتأكد من عدم عودة السرطان. تشمل معظم فحوصات المتابعة فحص الحوض والأشعة السينية للصدر، وربما اختبار CA-125.
ويمكن أن يحدث النكس أيضًا في عضو بعيد عن الرحم.

يعتمد علاج سرطان الرحم المتكرر على حجم السرطان ومكانه. إذا كان في الحوض فقط، فقد يكون العلاج الإشعاعي وحده كافيًا. قد تتطلب حالات التكرار الأكثر شمولًا علاجًا هرمونيًا أو علاجًا كيميائيًا.

من المرجح أن تستجيب السرطانات منخفضة الدرجة -التي تحتوي على مستقبلات البروجسترون- بشكل جيد للعلاج الهرموني مقارنة بالسرطانات عالية الدرجة، والتي تستجيب بشكل أفضل للعلاج الكيميائي.

الوقاية:

يمكن الوقاية من بعض أنواع سرطان الرحم عن طريق الحفاظ على وزن طبيعي، والوقاية من مرض السكري، وفي بعض الحالات الجراحة الوقائية. يمكن أن تساعد معرفة عوامل الخطر للإصابة بهذا السرطان النساء على أن تكون أكثر وعيًا به، بالإضافة إلى محاولة إيجاد طرق لتجنب التحفيز المستمر لهرمون الاستروجين لبطانة الرحم، والذي يسمى أيضًا “الإستروجين غير المعاكس”.

قد يساعدكِ ما يلي في تقليل خطر الإصابة بسرطان الرحم أو كشفه مبكرًا:

● ضبط الوزن والوقاية من مرض السكري عن طريق تناول الأطعمة الصحية وممارسة الرياضة.
● إذا كان لا يزال لديك رحم، فلا تتناولي الإستروجين الإضافي دون تناول البروجستين أو البروجسترون أيضًا.
● الإبلاغ عن أي نزيف غير طبيعي على الفور إلى أخصائي الرعاية الصحية وطلب إجراء فحص.
● التعرف على التاريخ المرضي العائلي.

أسئلة يجب طرحها:
راجعي الأسئلة التالية التي يجب طرحها حول سرطان الرحم لكي تكوني مستعدة لمناقشة هذه المشكلة الصحية المهمة مع أخصائي الرعاية الصحية.

● ما هي علامات سرطان الرحم؟
● ما هي عوامل الخطورة للإصابة بسرطان الرحم؟
● إذا شُخِّصتُ بهذا المرض، فما العلاج الذي توصي به؟ ولماذا؟
● ما المخاطر المرتبطة بهذه العلاجات؟
● هل سأكون قادرةً على العمل أم سأكون في المنزل في السرير؟ إلى متى؟
● ماذا أفعل حيال النظام الغذائي وممارسة الرياضة أثناء تلقي العلاج؟
● هل سأتمكن من إنجاب الأطفال بعد علاجي؟
● ما هي توقعات سير المرض؟
● إذا خضعت لجميع العلاجات، فما هي فرص عودة السرطان؟
● إذا عاد السرطان، ماذا أفعل؟

وأخيرًا يجب أن نعلم أنه كلما كُشِف مبكرًا عن سرطان الرحم فإنّ احتمالية الشفاء منه أكبر، كما يمكن أن يكون لدى المريضة القدرة على الحمل والإنجاب بعد إتمام العلاج في حال كُشِف عنه في مرحلة مبكرة جدًا، ولكن علاجه في مراحله اللاحقة يعتمد في الغالب على استئصال الخلايا السرطانية، فيترتب على ذلك عدم القدرة على الإنجاب فيما بعد.

لذلك لا تترددي في مراجعة الطبيب عند الشك في حدوث أي تغيرات مهما كانت طفيفة.

nasainarabic.net