لم تُفتح أبواب “سوق الصالحين” بمدينة سلا بعد، فعلى الرغم من انتهاء الأشغال وترتيبِ قوائم المستفيدين من خدماته، فإن “البلوكاج” لا يزال يتسيد المشهد داخل أكبر مركب تجاري في المدينة المحاذية للعاصمة الرباط؛ فيما تشير المعطيات إلى وجود اختلالات تدبيرية تؤخر الإفراج عن تاريخ فتح أبواب “السوق المركزي”.

مشروع واعد

خلال عام 2017، أعطى الملك محمد السادس انطلاقة تهيئة “سوق الصالحين” وسط مدينة سلا؛ وهو مشروع “واعد” يمتد على مساحة 23 هكتارا، ويتوخى النهوض بالاقتصاد التضامني وإدماج التجارة غير المهيكلة ضمن النسيج الاقتصادي وتحسين الجودة والسلامة الصحية للمنتوجات المعروضة للبيع وتطوير بنية المدينة الاقتصادية والتجارية.

وهمت أشغال التهيئة بناء مركب تجاري (968 محلا تجاريا)، وإنجاز سوق مركزي (391 محلا تجاريا)، وتهيئة وتسويق تجزئة سكنية، وإنجاز ملاعب للقرب (4 ملاعب لكرة القدم المصغرة، وملعبان لكرة السلة، ومضمار للتزلج)، وأكشاك لبيع الزهور والعصافير، وتهيئة فضاءات خضراء، وأماكن مخصصة لركن السيارات.

وقد استبشر سكان مدينة سلا بهذا المشروع الملكي، الذي غيّر وجه المنطقة الشعبية تابريكت التي كانت تعرف “فوضى” خلال كل نهاية أسبوع، بسبب وجود سوق شعبي كبير للمتلاشيات وسط الحي، وهو ما كان يثير حفيظة السكان، قبل أن يتم إنجاز مركب تجاري يغطي حاجيات المواطنين والتجار.

غضبة ملكية؟

وعلى الرغم من أن آجال الإنجاز كانت محددة في 36 شهرا (الأشغال انطلقت في عام 2017) أي في ثلاث سنوات، فإن “سوق الصالحين” ما زال يعرف “تأخرا” على مستوى التهيئة؛ فيما ذهب البعض إلى الترويج بوجود غضبة ملكية حول المشروع، الذي تطلب إنجازه أزيد من 300 مليون درهم.

وُعد بإنجاز “سوق الصالحين” لشركة “الرباط الجهة للتهيئة”، في إطار شراكة بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (185 مليون درهم)، ومجلس جهة الرباط-سلا- القنيطرة (30 مليون درهم)، وعمالة سلا عبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (10 ملايين درهم)، وجماعة سلا (70 مليون درهم)، والهيئة المفوضة (10 ملايين درهم).

ومن بين الاختلالات التي رصدها بعض المستشارين المحليين في مدينة سلا استفادة مواطنين بعدد كبير من المحلات، وكذا استفادة أناس من الأسرة نفسها كالزوج وزوجته من محلات دون وجه حق مع إقصاء ذوي الحقوق.

وسبق لفريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب أن تقدم بسؤال إلى الحكومة حول وجود اختلالات بـ”سوق الصالحين”، خاصة في ما يتعلق بعدم استفادة بعض التجار من المحلات التجارية، مطالبا بـ”إنصاف هذه الفئة التي تم إقصاؤها وتمكينها من حقها المشروع، خصوصا مع الأهمية التي يحتلها هذا المشروع”.

اختلال في القرعة؟

حبيب المنيوي، أمين مال سابق لجمعية السوق، وهو واحد من المتضررين من ما اعتبرها “تجاوزات” واختلالات شابت عملية توزيع الدكاكين، أورد في تصريح لهسبريس أنه “حُرم من الاستفادة العادلة من دكانه بسبب وجود “جهات” تنفرد في صياغة وحصر لائحة المستفيدين”.

ويشير مصدر قريب من الملف أن من بين الاختلالات الخطيرة التي شابت عملية التوزيع أن “الأظرفة التي تضم أرقام الدكاكين كانت مكشوفة أمام بعض المستفيدين الذين لهم علاقات مع جهات قريبة من السلطة، حتى يتسنى لهم الاستفادة من المحلات الفاخرة والمقاهي”.

بالإضافة إلى أسماء المستفيدين، يطرح مشكل مساحة المحلات والدكاكين التجارية، حيث هناك من استفاد من “محلات مجهزة مخصصة للمقاهي”؛ فيما استفاد آخرون من محلات ضيقة”، يقول أحد المتضررين.

الخلل في المستفيدين؟

في مقابل ذلك، يشير محمد أزروال، رئيس جمعية تدبير “سوق الصالحين”، في تصريح لهسبريس: “كلشي واجد هناك فقط بعض الحيثيات التي يجب أن تُعالج مثل صفقات ريضال، ننتظر فقط قدوم سيدنا من أجل تدشين المشروع الكبير”.

وقال المسؤول ذاته إنه “حضر عملية القرعة، وكانت الأمور تمر في أجواء شفافة ولم تسجل أي اختلالات”، مبرزا أن “كل الأمناء حضروا عملية القرعة التي احتضنتها عمالة مدينة سلا”.

واستطرد أزروال أنه “تم تسجيل بعض الملاحظات حول وجود أسماء لا علاقة لها بالسوق والتجارة، وقد تم فتح تحقيق في الموضوع”، مشيرا إلى أن “القرعة مرت في ظروف نزيهة وصحيحة”.

وفي ما يشير البعض إلى أن اختلالات تدبيرية تُؤخر فتح السوق، يرجع أزروال سبب هذا البلوكاج إلى “جائحة كورونا” “التي أثرت على السير العادي للأشغال”.

وقد حاولت جريدة هسبريس الاتصال بجماعة مدينة سلا وبأعضاء في مقاطعة تابريكت لاستفسارهم حول الموضوع، إلا أن هواتف المعنيين ظلت ترن بدون مجيب.

ومشروع “سوق الصالحين” كان يهدف إلى إعادة إيواء التجار الذين يشتغلون فعليا، حسب لوائح الإحصاء التي أجرتها المصالح المختصة؛ إلا أنه مع انتهاء الأشغال وانطلاق عملية الإيواء ظهرت مجموعة من الاحتجاجات والوقفات والفيديوهات التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي ضد ما أسمته بالتلاعبات والاختلالات التي عرفتها هذه العملية.

hespress.com