بلغ جدلُ ملف الكاتب والأستاذ المغربي سعيد ناشيد الجمعيّةَ المغربية لأساتذة الفلسفة، التي عرفت شدا وجذبا بعد تعبير كاتبها الوطني عن موقف رافض لما أسماه “تسييس وأدلجة الملف، وجر الفلسفة والجمعية للاصطفاف الإيديولوجي، وتشويه سمعة البلد بالباطل”.

ومن بين ردود الفعل على هذا الموقف، استقالة مصطفى الزاهيد، عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة، معتبرا أنه “لا يعقل أن يصدر من الكاتب الوطني موقف يدين مواطنا في نزاع مع إدارته، وينتصر للإدارة، ويدين المواطن مكان القضاء، دون استشارة باقي الأعضاء”.

جاء هذا بعدما اتهم الكاتب ناشيد “جهات ظلامية نافذة” بطرده من وظيفته كأستاذ في التعليم الابتدائي، ووجه أصبع الاتهام إلى حزب العدالة والتنمية، “انتقاما لما أكتبه، ورغبة في إذلال المشروع الذي أُمثّله”. وهو ما لقي تضامنا واسعا، ودعوات أيضا إلى الابتعاد عن تقديم قرار إداري بكونه “انتقاما إيديولوجيا”، واللجوء إلى القضاء الإداري طلبا للإنصاف.

وسبق أن نفت وزارة التربية الوطنية أن يكون قرار العزل يعكس “رغبة في الانتقام منه بسبب كتاباته الفكرية”، قائلة إنه “قرار إداري صرف تؤطّره القوانين الجاري بها العمل، وتسري على جميع موظَّفي القطاع العمومي”، ويرتبط بـ”تقاعس وتقصير في أداء واجبه المهني، وغيابه غير المبرر عن العمل، واستغلاله للرخص الطبية لغير العلاج، ومغادرته للتراب الوطني بدون ترخيص”.

ولجأ سعيد ناشيد إلى القضاء الإداري، بهيئة دفاع متطوّعة ينسق عملها المحامي بهيئة تطوان محمد الهيني، قائلا: “كلي ثقة في القضاء الإداري المغربي”.

وفي الموقف الذي أثار جدلا داخل الجمعية المغربية لأساتذة الفلسفة، كتب عبد الكريم سفير، الكاتب الوطني للجمعية، أن “السيد ناشيد يريد أن يعطي للملف بُعدا إيديولوجيا وسياسيا يرتبط بالتضييق على نشاطه الفكري وحرية التعبير واضطهاد الفلسفة”، وهو أمر “غير مبرر”؛ لأنه سيكون صحيحا “عندما تصادر كتبه، ويحاكم من أجل أفكاره، ويمنع من السفر لإلقاء محاضراته أو الحضور لقنوات وتمنع أنشطته الثقافية في الملتقيات والندوات الوطنية والدولية. إلا أن شيئا من هذا لم يحدث”.

وأضاف سفير: “للأسف، نحن أمام ملف تأديبي تراكمي منذ 1995 إلى 2021، خضع فيها الأستاذ لأربعة مجالس تأديبية. واستفاد من التدرج في العقوبة من الإنذار إلى التنبيه إلى التوبيخ وصولا للعزل. أما الحديث عن نقطة التفتيش التي نالها وهي 19.50، فالنظام المعمول به في التفتيش الابتدائي يقوم على الأقدمية وليس على الاستحقاق عكس تنقيط أساتذة الثانوي”.

وذكر الكاتب الوطني لجمعية أساتذة الفلسفة أنه شتان بين الواقع المهني لناشيد كأستاذ للتعليم الابتدائي وبين إنجازاته المعرفية؛ حيث إن “مقام الرجل أنه باحث وكاتب ومفكر. ولعل هذا الطلاق هو فأل خير عليه حتى يتفرغ للقراءة والكتابة والتفكير والتأليف وحضور الملتقيات الوطنية والدولية وفي القنوات بكل حرية. غير أن المفكر يجب أن يكون مسؤولا وصادقا”، و”كل من يريد أن يزج بالفلسفة في معارك ايديولوجية فارغة، فإن الجمعية ستتصدى له بكل قوة”.

hespress.com