السبت 1 ماي 2021 – 23:10
للمرة الثانية على التوالي تحتفل الطبقة العاملة المغربية في ظل جائحة كورونا بعيد الشغل، دون أن يكون هناك شغل في العديد من القطاعات. ورغم أن المناسبة تقتضي تقديم اعتذار من الحكومة لفئات عريضة من الشعب ساهمت بـ”الانقطاع عن العمل” في تجنيب البلاد كارثة صحية كبيرة، إلا أن الحكومة دشنت هذه السنة بدعة لا قيمة لها من الناحية العملية، تجسدت في مخاطبة العمال والأجراء ليلا قبل فاتح ماي من طرف وزير الشغل أمكراز، الذي صدق نفسه وصار يعدد إنجازات الحكومة في ظل جائحة كورونا.
لا شغل ولا هم يحزنون بالنسبة لفئة عريضة من الشعب، لكن وزير التشغيل ركب الأرقام وأدخل المشاريع في بعضها، ليقول إن الحكومة دعمت الملايين من الأجراء، بينما مصدر الدعم الكبير هو صندوق جائحة كورونا، الذي تم تأسيسه بقرار ملكي؛ فيما اقتصر دور الحكومة على الإشراف. لكن الوزير نسي الأمر وشرع في تقديم معطيات الدعم الخاصة بهذا الصندوق وكأنها إنجاز حكومي، بينما الحكومة لم يكن لها أي دور، لا في الدعم ولا في توفير اللقاح والعلاج للمواطنين.
الاستعراض الحكومي عن بعد يقابله من الناحية الثانية استعراض نقابي عن بعد. وقد دار الزمن دورته، ليصبح عيد العمال عيدا بدون طعم ولا لون، بعدما انغمست (وغمست) النقابات في العسل الحكومي، إذ تحولت جلها من إطارات مدافعة عن العمال إلى إطارات لتبرير التسيير الحكومي، وشرعنة دهس حقوق العمال..ولا مجال للحديث عن الزعماء النقابيين الذين كان يرعبون الحكومة بقراراتهم، وخطاباتهم، بل منهم من كان يبيت في البرلمان، دون عشاء.. فقد تحولت النقابة إلى حزب، وتحول الحزب إلى نقابة مفصلة على المقاس، في العديد من الحالات.
ورغم أن الجائحة توازيها نكبة لجيوب صغار الأجراء، إلا أنها على الأقل ساهمت في إظهار الجانب الانتهازي في كافة أطراف الحوار الحكومي، كما أنها أعفت الجميع من تلك المسيرات “القذافية” التي كانت تجوب الشوارع في شكل فلكلوري، لإيهام الرأي العام بالحضور في الساحة النقابية.. بل إن البهرجة على الطريقة المغربية وصلت في السنين الأخيرة إلى مشاركة كافة الأحزاب، سواء تعلق الأمر بالأغلبية أو المعارضة، في هذه المسيرات. ورئيس الحكومة نفسه أصبح ينزل للشارع للإدلاء بتصريحات للصحافة في هذه المناسبة، بينما هي مناسبة للعمال للتعبير عن مطالبهم.
..بأي حال عدت يا عيد، لقد فقد مئات من العمال شغلهم عبر العالم، وتفوقت الآلة على الإنسان، وصارت شروط إيجاد عمل صارمة جدا، والطبقة العاملة التي كانت تشكل ملح الطعام في العمل السياسي انشغلت بالبحث عن لقمة العيش، ولم يعد أحد يهتم بتحسين الأوضاع.. إن نهاية العمل النقابي قد تكون مجرد مؤشر على نهاية الطبقة العاملة التقليدية، وهو ما يعني ضرورة تطوير وسائل الدفاع عن حقوق العمال، على الأقل في هذه المرحلة التي لا يمكن فيها للعالم أن يعيش بدون عمال..لا يهم أن يتحد العمال، بل من المهم أن يجدوا شغلا أولا.