خلافات الزعامة تنبعث كل مرة من داخل جبهة البوليساريو في ظل تعرض القيادة لنكسات صحية؛ فبعد الصراع الذي نشب بين قياداتها مباشرة بعد وفاة محمد عبد العزيز سنة 2016، تجددت “حرب الأجنحة” داخل الأمانة العامة للتنظيم الانفصالي استعدادا لمرحلة ما بعد إبراهيم غالي.
ولوحظ تزايد في أعداد التصريحات الصحافية المدلى بها من لدن قيادات عصابة البوليساريو، خلال الأيام الأخيرة، على خلفية الجدل الدبلوماسي المرتبط بدخول غالي التراب الإسباني بجواز سفر مزيف، وكذا الجدل الصحي المتعلق بوضعية رئيس “البوليساريو”.
وتحدثت مجموعة من الفعاليات القانونية عن اشتغال النظام الجزائري لإعداد خليفة الرئيس الحالي، من أجل تفادي صراعات الصفوف الأولى والثانية من القيادة للسيطرة على جبهة “البوليساريو”؛ فقد رجحت اختيار عبد القادر الطالب عمر، المسؤول الأول للجبهة في الجزائر، لتقلد هذا المنصب.
الخلاف بين قيادات الجبهة تطرق إليه منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف، المعروف اختصارا بـ”فورستاين”، الذي لفت إلى تصارع أعضاء الأمانة العامة لـ”البوليساريو” تحسبا لأي طارئ صحي قد يصيب إبراهيم غالي، خاصة بعد وجوده المفاجئ بإسبانيا للاستشفاء.
وأشار المنتدى إلى “الحرب الخفية” بين قيادات الجبهة، حيث بدأت تظهر ملامحها بعد تعدد الخرجات الإعلامية المتكررة وغير المبررة لوجوه عديدة، في مقابل “التغييب العمدي” لوجوه أخرى، بتعبيره، من أجل كسب “قاعدة شعبية” داخل مخيمات تندوف للحصول على مناصب جديدة في التعديل الرئاسي المرتقب.
وفي هذا الصدد، أفاد عبد الفتاح الفاتحي، الخبير القانوني في قضية الصحراء، بأن “الواقع السياسي داخل جبهة “البوليساريو” أكثر ارتباكا؛ نظرا إلى الضغوط التي يمارسها واقع تراجع الموقف التفاوضي للجبهة، وانهيار مؤسسات القوة العسكرية لمليشياتها عقب عدم اعتراف المجتمع الدولي بواقع الحرب في الصحراء”.
وأوضح الفاتحي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “قيادة “البوليساريو” فشلت على أكثر من مستوى اليوم، فعلى المستوى السياسي بلغ الموقف التفاوضي للجبهة الحضيض في ظل الإنجازات المغربية والاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء”.
وتابع الخبير القانوني في قضية الصحراء بأنه “من الناحية العسكرية كشف الواقع الميداني فشلا كبيرا، بحيث إنه لم يلق أي اعتراف دولي”، ثم زاد: “بالنظر إلى التطورات الميدانية، فإن قيادات جبهة “البوليساريو” تعيش ارتباكا مكثفا بسبب الضغط الذي تشكله مطالب المحتجزين في مخيمات تندوف”.
وأرجع المتحدث ذاته توالي الضغوط الداخلية على الجبهة إلى “سقوط الوعود الكاذبة للجبهة بخصوص ملف الصحراء”، ليؤكد أن “الضغوط الإقليمية تدفع الجزائر إلى التخلص من إبراهيم غالي لسجله الإجرامي؛ ذلك أن الإحراج الذي تعرض له بإسبانيا يجعل قيادة “البوليساريو” على المحك السياسي، وهو ما يزيد من إضعاف الجبهة على كافة المستويات”.
وخلص الخبير عينه إلى أن “الضغوط التي يمارسها المغرب عقب الفضيحة الرسمية الإسبانية، حينما تآمرت سرا على استقبال زعيم الانفصاليين، ستقوض الكثير من مقومات الدعم التي كانت تقدمها إسبانيا للجبهة”، ليردف بأن “إسبانيا لا تستطيع التضحية بعلاقاتها الإستراتيجية المغربية من أجل زعيم الانفصاليين”.