تضج شبكات التواصل الاجتماعي بجدل عمومي يتعلق برسائل الاحتجاج الموجهة إلى سلطات الضبط الإعلامي والقضائي بشأن الإنتاجات التلفزيونية المعروضة خلال شهر رمضان، بدعوى المضامين الهزلية والدرامية التي تسيء إلى مجموعة من المهن المجتمعية.

وفيما انبرت فعاليات جسم المحاماة إلى رفع دعوى قضائية على سلسلة كوميدية ساخرة من “أصحاب البذلة السوداء”، متحجّجة في طرحها القانوني بمجموعة من المشاهد التي تقدم صورة سلبية عن المحامي، ارتأت “جامعة السككيين” توجيه رسالة احتجاج إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، في حين اكتفت “نقابة العدول” بإصدار بيان ينتقد عملا فنيا.

“محاكمات” قانونية ورقمية أثارت امتعاض الوسط الفني الذي ندد بـ”التضييق” على حرية التعبير من طرف الأشخاص الذين يفترض فيهم الدفاع عنها، في إطار احترام الثوابت العامة للبلاد، حيث أكد كثير من النقاد أن تصوير شخصية معينة لا يعني الإساءة إلى تلك المهنة على الإطلاق.

وذهبت تعليقات عدد من الممثلين والنقاد في اتجاه الدفاع عن الأعمال المعنية بالجدل التي تظلّ تخيلية وليست نسخة من الواقع، بتعبيرهم، لافتين كذلك إلى أن الإنتاجات الهزلية والدرامية تقارب الظواهر السلبية بالمجتمع الذي يستمد منه الوسط الفنّي كينونته.

ومن وجهة نظر الناقد السينمائي محمد باكريم، فإن الفضاء العمومي المغربي أصبحت “تتصارع” فيه هذه النوعية من الأفكار، لكن يبقى السقف هو القانون، مؤكدا أن “النقاش صحي، لأنه يعبر عن دينامية المجتمع، شريطة ألا تكون هناك مواقف جامدة ينتج عنها إقصاء الآخرين”.

ويرى باكريم، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “التلويح باللجوء إلى القضاء مسألة عادية، على اعتبار أن الكثير من الدول مرّت من هذه المرحلة، بما في ذلك المغرب الذي يدخلها في الوقت الراهن، ذلك أن الإنتاجات السمعية البصرية صار لها وقع داخل المجتمع بالمقارنة مع الفترة الماضية”.

وأوضح الناقد السينمائي أن “التلقي كان محدودا في السنوات السابقة؛ ومن ثمّ، فإن توسيع رقعة تلقي الإنتاجات الدرامية بالتأكيد سيثير ردود فعل مختلفة”، معتبرا أن “تلك الانتقادات تبقى في جوهرها إيجابية إن تمّ التعامل معها بروح مدنية”.

واستطرد المتحدث قائلا: “بقدر ما نؤمن بحرية التعبير التي يمارسها منتجو الدراما بشكل عام بما يتماشى مع منطق اشتغالهم، بقدر ما ينبغي تفهّم ردود فعل بعض القطاعات، غير أنه يجب استحضار ثقافة الاعتراف بالآخر، وعدم الطعن في الأشخاص، واحترام المخرجات القضائية بكل أريحية”.

hespress.com