مطلبٌ متجدّد تُنادي به فعاليات مغربية كما جرت العادة كل شهر رمضان، يتعلق بعدم تصوير موائد الإفطار التي تنشط هذه الأيام بالمنصات الرقمية من طرف “اليوتيوبرز” ومشاهير الفن، خاصة في ظل التداعيات الاقتصادية للجائحة التي أرخت بظلالها على الفئات ذات الداخل الضعيف.
ظاهرة تصوير مأدبات الإفطار تحولت إلى طقس سنوي بمواقع التواصل الاجتماعي، التي صارت أشبه بـ”مطبخ جماعي” يعرض مختلف الأطباق والوجبات الغذائية في الفترة الرمضانية، وهو ما جعل بعض النشطاء يطالبون بوقف التصرّف الذي “يستفز” مجموعة من الفئات المجتمعية المتضررة من الطارئ الصحي.
ويعمد بعض الأشخاص في الوسط الفني على وجه الخصوص إلى نشر صور توثّق موائد الإفطار الرمضانية على المنصات التفاعلية، الأمر الذي خلّف نقاشا كبيرا بين المتتبعين؛ بين من يرى أن ذلك يندرج في إطار تقاسم اللحظات اليومية للفنان مع محبّيه، ومن يدعو إلى تفادي تصوير المأدبات المسائية في هذه الظرفية الصعبة احتراماً لمشاعر بعض الشرائح التي تعاني في صمت.
وهناك من انتقد نشر صور الطعام بشكل عام في “الشبكات الاجتماعية” قبل وأثناء رمضان، بدعوى أن هذا السلوك يرمي إلى خلق “البوز الافتراضي” من طرف بعض “المؤثرين”، ما يعكس ثقافة المجتمع حيال رمضان الذي أصبح مناسبة للاستهلاك الغذائي فقط.
وبالإضافة إلى ذلك، طفا إلى السطح جدال رقمي يتعلق بتصوير الأشخاص المحتاجين أثناء توزيع القفف الغذائية، إذ دعا مجموعة من المغاربة إلى احترام كرامة الإنسان، لأن تلك “الممارسات التكنولوجية” تسيء إلى الفئات الاجتماعية “الهشة” المتضررة من الطارئ الصحي العالمي.
وفي هذا الصدد قال علي الشعباني، الباحث في علم الاجتماع، إن “الثقافة المغربية الأصيلة المستمدّة من القيم الإسلامية مبنية على التعاون والإحسان الذي يتم في السرّ، دون استعمال وسائل التواصل الاجتماعي لنشر حيثيات العملية الإحسانية”.
وأضاف الشعباني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “لا ينبغي استفزاز الفئات الاجتماعية الضعيفة التي تضررت من جائحة كورونا، عبر نشر موائد الإفطار في مواقع التواصل الاجتماعي، أو تصوير عمليات توزيع القفف الغذائية، لأن ذلك يتناقض مع جوهر الإحسان في الأصل”.
وأوضح الباحث عينه أن “استعمال الهاتف لتوثيق عملية الإحسان يعتبر تنقيصا من الأشخاص المحتاجين، إذ يتم استعمال الكاميرا في غالب الأحيان من أجل جلب الشهرة والتفاخر على الآخرين، الأمر الذي يبتعد كل البعد عن روح التعاون الإنساني”.