خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، تكثر مظاهر التعبد لدى شرائح كبيرة من المغاربة؛ فيزداد الإقبال على ارتياد المساجد ومشاهدة القنوات الفضائية الدينية مقارنة بباقي الأيام الأخرى من الصيام، حيث يرى البعض في هذه الفترة فرصة للاستغفار والتقرب إلى الله بصالح الأعمال والدعوات”.
ويرتبط المغاربة بشكل روحي ونفسي بشهر رمضان، إذ يعتبرونه “طقسا” مقدسا لا يمكن تجاهله؛ لكن منسوب هذا الارتباط يرتفع خلال العشر الأواخر، حيث إن هذه الفترة من رمضان لها روافد اجتماعية وثقافية ودينية في المخيال الجمعي للمغاربة، تكرسه النصوص الدينية والمذاهب الفقهية.
ومنذ أسابيع، يخوض عدد من الناشطين حملة قوية على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بفتح أبواب المساجد خلال العشر الأواخر من رمضان، موردين أن “استمرار إغلاق المساجد، وبالمقابل فتح أبواب المرافق الاجتماعية الأخرى أمام المواطنين، هو شكل من أشكال التعسف على الحقوق الثقافية والدينية لشريحة عريضة من المواطنين”.
ويرى محمد عبد الوهاب رفيقي الملقب بأبي حفص، الباحث في القضايا الإسلامية، أن “سبب تزايد مظاهر التدين خلال العشر الأواخر وسط المغاربة يعود بعضها إلى ما هو ديني، والمقصود هو وجود عدد من النصوص التي تعظم من شأن هذه الأيام وتجعل لها مكانة خاصة متميزة عن العشر الأوائل والعشر الأواسط من شهر رمضان”.
ويعتبر الباحث في القضايا الإسلامية، في تصريح لهسبريس، أن “هناك نصوصا كثيرة تتحدث عن فضيلة هذه العشر الأواخر، وعن ارتفاع الأجور فيها، وعن استحباب الاعتكاف بها في المساجد، وعن الأجر المضاعف في قيامها وصيامها مقارنة بالأيام التي سبقتها”.
وقال رفيقي إن “هذه العشر فيها ليلة القدر والكثير من النصوص والمذاهب الفقهية تتحدث عن أنه ليست بالضرورة ليلة القدر تتصادف مع يوم السابع والعشرين، وإنه من محتمل أن تكون في كل ليلة من هذه الليالي العشر، وبالتالي على الإنسان أن يحرص على موافقتها بكثرة التعبد في كل هذه الليالي”.
وشدد المتحدث ذاتها على أن “هذا الزخم الذي مُنح لهذه العشر الأواخر في النصوص الدينية ينعكس على تصرفات الناس خلال هذه الأيام”.
ويعرج الباحث في القضايا الإسلامية على العامل النفسي الكامن وراء تزايد مظاهر التدين خلال العشر الأواخر وسط المغاربة، حيث إن هذه الأيام ”تمثل نهاية رمضان، وبالتالي فإن هناك شعورا بقرب نهاية الشهر وبقرب نهاية موسم التعبد وعدم العودة إلى هذا النشاط التعبدي الخاص إلا بعد سنة”، موردا أنه “خلال هذه الفترة تتكثف العبادات وترتفع نسبة التدين كنوع من التوديع لهذا الشهر، كأن المتدين يقول: يجب أن أفرغ كل ما عندي الآن، فهذه فرصة لن تتكرر إلا بعد سنة”.