في وقت ساعد المغرب ألمانيا على تفادي اعتداءات إرهابية، تعاونت الأجهزة الاستخباراتية الألمانية مع المتطرف والمعتقل السابق على خلفية الإرهاب محمد حاجب، الذي يحتمي ببرلين للتحريض ضد المملكة ومؤسساتها.

وكانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج كشفت لأول مرة أحد الأسباب الرئيسية لقطع العلاقات مع السفارة الألمانية بالرباط، إذ استدعت سفيرة المملكة بألمانيا، بسبب تراكم “العداء المتسمر وغير المقبول”.

وجاء في بيان للخارجية المغربية أن “السلطات الألمانية تعملُ بتواطؤ مع مدان سابق بارتكاب أعمال إرهابية، ولاسيما من خلال الكشف عن معلومات حساسة قدمتها أجهزة الأمن المغربية لنظيرتها الألمانية”، في إشارة إلى محمد حاجب.

وكشفت مصادر مطلعة لهسبريس أن المخابرات الألمانية سربت معلومات استخباراتية مغربية للمدان السابق بجرائم إرهابية محمد حجيب، بل أكثر من ذلك حذرته من السفر بعد أن وضع المغرب مذكرة ضده لدى “أنتربول”.

وكان محمد حاجب بصدد الالتحاق بزوجته في إيرلندا، وطلبت منه المخابرات الألمانية عدم السفر بعدما كشفت له مضمون الأمر الدولي بإلقاء القبض الصادر في حقه من طرف السلطات المغربية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة.

وأفشت المخابرات الألمانية أسرار التعاون الاستخباراتي بين الدول في سابقة من نوعها لتمكين المتطرف حاجب من عدم الملاحقة من قبل منظمة الشرطة الجنائية الدولية.

وتواصل ألمانيا منذ بداية الأزمة الدبلوماسية تجاهل الاحتجاج المغربي، إذ اعتبرت وزارة الخارجية الألمانية في ردها أنها “لا يمكنها فهم الاتهامات في البيان الصادر عن الوزارة المغربية”، وأوردت أنها “طلبت توضيحات بخصوصه”.

وقال دبلوماسي بوزارة الخارجية الألمانية، في تصريح لوكالة رويترز: “لقد فوجئنا بهذا الإجراء لأننا نبذل جهودا بناءة مع الجانب المغربي لحل الأزمة”.

وقبل أشهر أثار تحقيق فرنسي بثته القناة الفرنسية M6 جدلا في الأوساط الأوروبية عندما كشف أن ألمانيا تحولت إلى “جنة لمقاتلي داعش”، مشيرا إلى أن العديد من قاطعي الرؤوس فروا إليها بعد هزيمة الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وقتل زعيمها أبو بكر البغدادي، حيث باتوا ينعمون بـ”حياة هادئة”.

ورغم الخطابات التحريضية اليومية التي ينشرها المتطرف حاجب على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تحرك السلطات الألمانية ساكناً بشأن خرجات المقيم على أراضيها، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات لدى الجانب المغربي.

واستغربت مجلة “جون أفريك” الدولية في مقال سابق الصمت الألماني تجاه مواقف محمد حاجب، ووصفت أحد تصريحاته بـ”الخطيرة” و”الصادمة”، معبرة عن اندهاشها لعدم تحرك سلطات برلين للبحث في فحوى هذه الرسائل الإرهابية.

وفي الجانب الدبلوماسي، باتت التحركات الألمانية في السنوات الأخيرة محط إزعاج واضح للدبلوماسية المغربية، وزاد التوتر خلال إشراف الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر على ملف الصحراء.

وبعد رفض المغرب أجندته وتشبثه بمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لهذا النزاع الإقليمي خلال “لقاءات جنيف” الأولى والثانية، قدم هورست كولر استقالته لأسباب قال إنها صحية.

وكانت ألمانيا أول دولة طالبت مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع بهدف مناقشة قضية الصحراء، وذلك على خلفية اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء.

وأوضح بيان الخارجية المغربية أن “ألمانيا سجلت موقفا سلبيا بشأن قضية الصحراء المغربية، إذ جاء هذا الموقف العدائي في أعقاب الإعلان الرئاسي الأميركي، الذي اعترف بسيادة المغرب على صحرائه، وهو ما يعتبر موقفا خطيراً لم يتم تفسيره إلى حد الآن”.

كما عمد الألمان إلى التشويش على الوساطة الناجحة التي قادها المغرب في الملف الليبي، وذلك في ظل التقارب بين ألمانيا والجزائر التي عبرت في أكثر من مرة عن انزعاجها من الدور الإقليمي الذي بات يلعبه المغرب في حل الصراع الليبي من خلال حوارات بوزنيقة التي ساهمت بشكل كبير في توافق الفرقاء الليبيين.

وأكدت الخارجية المغربية أن “هناك محاربة مستمرة، لا هوادة فيها، للدور الإقليمي الذي يلعبه المغرب، وتحديدا دوره في الملف الليبي، وذلك بمحاولة استبعاد المملكة، دون مبرر، من المشاركة في بعض الاجتماعات الإقليمية المخصصة لهذا الملف، كتلك التي عقدت في برلين”.

hespress.com