مالي وفرنسا والمغرب وحليمة
صورة: أرشيف

سعيد ابن عائشةالجمعة 7 ماي 2021 – 16:09

سنة 2013 أعلن الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند “استغلال” بلاده للمجال الجوي المغربي من أجل قصف الجماعات المتطرفة في مالي، وقطع وعدا وقتها بمغادرة البلاد في أسرع وقت، لكن الجنود الفرنسيين مازالوا إلى اليوم يبحثون عن مخرج من “المأزق المالي”، بل إن وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي استغلت يوم تنصيب جو بادين رئيسا للولايات المتحدة لتطلب من الإدارة الأميركية الجديدة تعزيز دعمها للعملية الفرنسية ضد الجهاديين في دول الساحل. وكان هذا التدخل عبارة عن رد فعل ضد ما اقترحه الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب الذي كان ينوي التراجع عن التدخل العسكري في الساحل، على الأقل من حيث العدد.

وبينما تتواصل الأزمة المالية، وهي كلمة مخففة لما يجري على الأرض من “حرب أهلية” انطلقت منذ سنوات، وتكبد فيها العسكريون والمدنيون خسائر كبيرة في الأرواح، يتم اختزال الأحداث في “انقلاب عسكري” ضد الرئيس السابق “أبو بكر كيتا”، في حين أعلن الجنود الذين أطاحوا به وسمو أنفسهم “اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب” أنهم لا يريدون البقاء في السلطة، وتبعا لذلك أدى وزير الدفاع السابق في مالي “باه نداو” اليمين الدستورية لتولي رئاسة البلاد لفترة انتقالية، تدوم 18 شهرا انطلاقا من شهر شتنبر الماضي.

ولا يمكن الحديث عن مالي بالنسبة للمغاربة دون الحديث عن الأزواد وحركة الطوارق، التي تعتبر نفسها بشكل عام مكونة من “مغاربة” يدينون بالولاء لملوك المغرب، بل إن زعماءها لا يترددون في تجديد البيعة بشكل علني لملك المغرب. أما من الناحية التاريخية فقد عرف الطوارق برغبتهم في الالتحاق ترابيا وروحيا بالمملكة، وكان ذلك مطلبهم الذي رفعوه للملكين الراحلين محمد الخامس والملك الحسن الثاني؛ حتى إن زعيمهم محمد علي الأنصاري توفي في المغرب سنة 1994. ولأننا نتحدث عن حب الماليين للمغرب، يمكن لأي أحد توقع قيام الدولة التي تنشر حقدها في المنطقة بالإساءة إلى العلاقات المغربية المالية، مقابل محاولة تحصيل الدعم لكيان وهمي.

لا يمكن الحديث عن مالي دون الحديث عن المغرب، كما لا يمكن الحديث عن هذه الدولة الإفريقية دون الحديث عن الورطة الفرنسية هناك. وعنوان المأزق ليس بعيدا، فقد وجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه في حرج كبير بعدما أعلنت الرهينة الفرنسية صوفي بترونين (75 عاما)، آخر رهينة فرنسية محررة في مالي، إسلامها فور وصولها إلى أراضي بلادها، وأطلقت على نفسها اسم “مريم”، ونقلت عنها وسائل الإعلام قولها إنها “ستدعو وتطلب البركة من الله من أجل مالي”، مؤكدة أنها “أصبحت مسلمة واسمها الجديد مريم”.. وكل ذلك حصل تحت أعين الرئيس الفرنسي الذي كان بصدد استقبالها في المطار، أياما بعد قوله إن الإسلام يعيش أزمة؛ فكان هذا الحدث منطلقا ليرفع خصومه “هاشتاغ” على صفحات “فيسبوك” يقولون فيه: “ليس الإسلام في أزمة..بل ماكرون من يوجد في أزمة”.

في ظل هذه المعطيات السياسية، والحسابات المعقدة، و”الله يعطي لكل إنسان على قدر نيته”، استطاعت المواطنة المالية حليمة سيسي أن توقف عقارب الزمن، ودوامات التفكير، لتعطي الأمل في حياة أخرى ممكنة، بعدما نجح طاقم طبي مغربي في مساعدتها على إنجاب 9 توائم، في ظروف جيدة، بمشاركة ما يناهز 40 إطارا طبيا وشبه طبي. وكانت الأم حصلت على ترخيص من الرئيس المؤقت، “باه نداو”، لمتابعة حالتها الصحية في المغرب، حيث نقلت إلى الدار البيضاء تحت إشراف الحكومة المالية، لتنجب في ظروف أقرب إلى المعجزة 9 أطفال منهم 5 إناث و4 ذكور. ولأن الطبيعة تصر على إحراج العلم، فقد كانت الأطقم الطبية تنتظر ميلاد 7 أطفال، بناء على فحوصات الأشعة الصوتية، لكن الأم حليمة خلقت المفاجئة بإنجابها 9 أطفال، كتب لهم أن يولدوا على أرض المغرب؛ ومن يدري فقد تكون هذه الأرض منطلقا لحل الأزمة المالية..

الجنود الفرنسيون حركة الطوارق حليمة سيسي مالي

hespress.com