لا يمكن الحديث عن العمل النقابي في المغرب منذ الاستعمار الفرنسي إلى اليوم دون استحضار رواده ومؤسسيه، الذين ساهموا بنضالاتهم داخل المعامل والمؤسسات في إرساء قواعده وأسسه.

عبد الرزاق أفيلال، الملقب بـ”الطنجاوي”، واحد من رموز العمل النقابي المغربي ومؤسسي الحركة النقابية، الذي وصفه الكاتب الفرنسي جيرارد فونتونو بـ”رجل يحمل وراءه مسارا نضاليا يقارب خمسين سنة”.

عبر حلقات تنشرها جريدة هسبريس الإلكترونية، نحاول تسليط الضوء على مسارات رجل تعليم ظل يتربع على عرش نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب لأكثر من أربعة عقود، من خلال شهادة خاصة يقدمها نجله الكاتب رشيد أفيلال.

الحلقة 4

سنة 1965، ستشهد البلاد حالة استثناء بعدما عرفت الدار البيضاء في الثالث والعشرين من مارس انتفاضة للعمال والآباء والتلاميذ ضد قرار وزير التعليم آنذاك؛ ما دفع أوفقير، وزير الداخلية في عهد حكومة أحمد باحنيني، إلى إطلاق النار على المتظاهرين لاحتواء المد الجماهيري.

وفي السابع من يونيو من سنة 1965، سيعلن الملك الراحل الحسن الثاني عن حالة استثناء في البلاد، ويقوم بحل البرلمان؛ وهو ما رفضه، حينها، حزب الاستقلال، الذي طالب بالعودة إلى الشرعية والانتخاب الحر للبرلمان.

ويحكي الكاتب رشيد أفيلال أن والده توجه، خلال هذه الفترة، رفقة وفد نقابي من الاتحاد العام للشغالين بالمغرب إلى جينيف، قصد حضور أشغال المكتب الدولي للشغل، بالرغم من أن الاتحاد لم يكن ممثلا ضمن الوفد الرسمي المغربي الذي ترأسه وزير الشغل آنذاك عبد الحفيظ بوطالب.

وخلال هذا المؤتمر، يضيف أفيلال، ستتوتر علاقة والده بوزير الشغل، إذ هاجم عبد الرزاق المسؤول الحكومي محتجا عليه وعلى مداخلته، معتبرا أن ما جاء فيها بخصوص الشغيلة المغربية مغالطات وادعاءات، لتصدر حينها وزارة العدل مذكرة اعتقال في حقه لاعتبارها ما صدر عنه قذفا ومسا بمصداقية ممثل الدولة؛ فيما خاطب الوزير النقابي عبد الرزاق، بعد نهاية أشغال الجلسة: “لحساب ماشي هنا، حتى تدخل المغرب”.

وظل عبد الرزاق، بعد اختطاف واغتيال المهدي بنبركة، في مدينة ملقا الإسبانية، قبل أن يتم العفو عنه بعد تدخل من لدن حزب الاستقلال لدى الملك ويعود إلى الوطن.

وفي نونبر من السنة نفسها، طالبت قيادات حزب الاستقلال عبد الرزاق أفيلال بقيادة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إلا أنه رفض ذلك؛ بيد أن علال الفاسي، زعيم الحزب، خاطبه: “واش سحابليك أنت تاع راسك”، داعيا إياه إلى التحضير لمؤتمر استثنائي الذي عقد في فبراير 1966 وتم خلاله انتخاب عبد الرزاق أفيلال كاتبا عاما للاتحاد.

وفي سنة 1972، وبعد مقاطعة الدستور، ستعرف البلاد محاولة انقلاب على الملك الحسن الثاني، كان وراءها الجنرال أوفقير؛ لكنها باءت بالفشل، وهي الفترة التي كان فيها كلا من علال الفاسي وعبد الرزاق أفيلال ومحمد عواد يوجدون بالعراق، في زيارة رسمية.

وفي هذا الصدد، يحكي الكاتب نفسه أن صدام حسين، الذي كان يشغل نائبا لرئيس الدولة آنذاك، توجه إلى الوفد المغربي برئاسة علال الفاسي، وخاطبهم بأن العراق كانت دولة ملكية وتم إرجاعها إلى جمهورية، في إشارة منه إلى القيام بانقلاب على الملك؛ غير أن علال الفاسي رد، حينها، بكون الملكية في المغرب تمثل رمز الوحدة الوطنية.

وفي سنة 1973، سيجد عبد الرزاق أفيلال نفسه وحيدا، بعدما توفي الزعيم علال الفاسي الذي كان بمثابة أستاذه بسكتة قلبية في مكتب رئيس رومانيا خلال زيارة قام بها حول الصحراء المغربية والقضية الفلسطينية.

[embedded content]

hespress.com