يزخر إقليم تنغير بمؤهلات طبيعية كفيلة بأن تجعله في مصاف الوجهات السياحية الطبيعية الأكثر إشعاعا في المغرب لو تم تثمينها والترويج لها كما يجب، أهمها مضايق تودغى ومضايق دادس، التي تم إهمالها من طرف القطاع الحكومي المعني وباقي المسؤولين.

يجمع العرض السياحي في هذا الإقليم بين المناظر الخلابة المتنوعة وغطاء نباتي مميز وثراء حيواني بأصناف متنوعة، تنضاف إليها الثروة المائية وجمالية التضاريس.

رغم ما يزخر به إقليم تنغير من مؤهلات طبيعية وسياحية بإمكانها أن تجعله في مصاف الوجهات السياحية وطنيا ودوليا، إلا أن هذه المواقع ترزح تحت نير التهميش والإهمال منذ سنوات، باستثناء بعض الحلول التنموية التي لم تستطع تغيير نمط السياحة التقليدية إلى العصرية والمساهمة في تطويرها من حسن إلى أحسن.

مضايق تودغى “إهمال ونسيان”

تتميز مناطق إقليم تنغير بطبيعتها الجذابة، ومآثرها التاريخية والثقافية التي تعود إلى ما قبل التاريخ، لكن كل ذلك ما يزال مهملا؛ إذ تبقى كل هذه المقومات السياحية بعيدة كل البعد عن الاستغلال الأمثل من قبل الوزارة الوصية.

مضايق تودغى، المعروفة بلسان أهل المنطقة بـ”ليكورج”، من المناطق السياحية التي عانت ومازالت تعاني الإهمال والنسيان، بسبب لا مبالاة الوزارة الوصية والقطاعات الحكومية المعنية والمسؤولين محليا، ما جعل “هذه المنطقة التي تعتبر قبلة عالمية تئن تحت وطأة التهميش المقصود”، حسب تصريح محمد بندريس الذي تحدث إلى جريدة هسبريس الإلكترونية.

وأوضح المتحدث أن مضايق تودغى، “ليكورج”، “لم تشهد أي برامج تنموية قادرة على تغيير ملامحها، فمن زارها قبل 20 سنة لن يلحظ أي تغيير اليوم، باستثناء إزالة الأكشاك التي كانت بمدخل المنطقة وداخلها”.

من جهته، قال مسؤول منتخب بجماعة تودغى العليا: “ليكورج لم تصبها فقط لعنة النسيان، بل مسؤولوها لا يعرفون قيمة المواقع السياحية وما يمكن أن تربحه المنطقة من الاستثمار في هذا الجانب، سواء ماديا أو إعلاميا وسياحيا”.

وأضاف أن “الإهمال والتهميش اللذين تعاني منهما منطقة ليكورج منذ عقود من الزمن، يشكلان عائقا لنمو السياحة بهذا الموقع الطبيعي المتميز”، داعيا الوزارة الوصية إلى “القيام بدراسة عاجلة للوقوف على المشاكل التي تعيشها مضايق تودغى وما آلت إليه من نسيان وإهمال عصفا بالمنطقة وبتفاؤل أهلها والمهتمين بالشأن السياحي الذين بنوا آمالا عريضة على هذا المجال”.

موقع طبيعي “بدون مراحيض”

تستقبل مضايق تودغى طيلة أيام السنة زوارا من جميع دول العالم، لكن إغلاق الحدود البرية والجوية لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد غيّب الزوار الأجانب وبقي المغاربة وحدهم يترددون عليها بين الفينة والأخرى للاستجمام.

بمجرد وصولك إلى مضايق تودغى للاستجمام واكتشاف ما تزخر به المنطقة من مناظر طبيعية خلابة، تصطدم بغياب مراحيض عمومية بالمنطقة، باستثناء تلك الموجودة ببعض الفنادق هناك التي يتم فتحها أمام الزبائن فقط.

صالحة ايت عيسى، من إقليم تنغير، صادفتها جريدة هسبريس الإلكترونية بمنطقة “ليكورج”، قالت: “من العار أن تأتي إلى هنا رفقة أبنائك للاستجمام ولا تجد مراحيض عمومية لقضاء حاجتك البيولوجية”، مشيرة إلى أن “أغلب الزوار يلجؤون إلى بعض الكهوف الموجودة بالمضايق لقضاء حاجتهم، ما يتسبب في انتشار البراز والروائح الكريهة”.

وأضافت قائلة: “كثير من الناس خلال تجوالهم بالمنطقة يتفاجؤون بغياب أمكنة لقضاء حاجتهم، فيضطرون إلى مغادرة ليكورج سريعا أو يطلبون من أصحاب المقاهي السماح لهم باستعمال المرحاض، وغالبا ما يتم اللجوء إلى الهواء الطلق”، داعية الجهات المسؤولة إلى “تأهيل هذا الموقع الطبيعي والسياحي، وبناء مراحيض عمومية لتوفير جو ملائم لاستقبال الزوار في أحسن الظروف”.

وأجمع عدد من الزوار الذين صادفتهم هسبريس بمضايق تودغى على أن المكان أصبح يخدشه غياب مراحيض عمومية، مشيرين إلى أن “المسؤولين وإلى حدود الساعة عاجزون عن توفير هذه المراحيض للعموم، وغير مهتمين بهذا الموقع كأنه غير معروف أو لا يساهم في تحريك عجلة التنمية الاقتصادية”، وفق تعبيرهم.

إنارة عمومية غائبة

باستثناء الطقس البارد والماء الطبيعي الذي يتدفق من عيون مضايق تودغى، لا شيء آخر يذكرك بأنك تسير وسط موقع سياحي وطبيعي معروف دوليا ويزوره المئات من الأجانب يوميا، ما يعطي صورة سلبية وسوداوية على هذا الموقع الذي يعتبر قبلة للترويح عن النفس.

بمجرد أن تبدأ الشمس في الغروب، يطل ظلام دامس على “ليكورج” بسبب غياب الإنارة العمومية، ما يجعل زيارتها ليلا أمرا مخيفا ومستحيلا، يقول جمال الدين سعداوي واحد من أبناء المنطقة، مشيرا إلى أن “غياب الإنارة العمومية بالموقع يعتبر عائقا مهما في تطوير خدمات هذا المكان الطبيعي والسياحي”، بتعبيره.

وأضاف سعداوي في تصريح لهسبريس: “في الأيام العادية، أي ما قبل فيروس كورونا، كانت ليكورج قبلة مفضلة لمعظم أبناء الإقليم والأقاليم المجاورة والأجانب وعموم المغاربة عشاق السفر والاكتشافات، وكانت تعرف حركية طيلة اليوم وإلى ساعة متأخرة من الليل على الرغم من غياب الإنارة العمومية”.

وطالب المتحدث المسؤولين والوزارة الوصية، بـ”التدخل العاجل من أجل تأهيل المضايق وتجهيزها بالإنارة العمومية في الوقت الحالي قبل عودة السياحة إلى طبيعتها”، مشيرا إلى أن “الجهات المسؤولة يجب أن تغتنم فرصة منع التنقل من أجل تأهيل المضايق وتجهيزها، لتكون في حلة جديدة بمجرد أن تفتح الحدود وتعود السياحة”.

وأكد سعداوي أن رجال الدرك الذين يتواجدون ليلا في “ليكورج” من أجل مراقبة مدى احترام المواطنين لتدابير منع التنقل الليلي، يعملون بدورهم في ظروف سيئة لغياب الإنارة العمومية هناك.

مسؤول في السياحة يجيب

هسبريس حاولت نيل تصريحات من مسؤولين في الجماعة ومندوبية السياحة، لكن هواتف بعض الذين اتصلت بهم كانت غير مشغلة أو لا أحد يرد.

وأقر مسؤول بالقطاع السياحي، فضل عدم الكشف عن هويته للعموم، أن منطقة “ليكورج” ينقصها التأهيل والتثمين. وقال: “رغم أنني أشتغل في إدارة القطاع السياحي إلا أن ذلك لن يمنعني من أن أقول إن هناك تقصيرا وإهمالا من طرف وزارة السياحة وباقي القطاعات في ما يخص تأهيل مضايق تودغى العالمية”، مشيرا إلى أن “مكانة المضايق عالميا لم تشفع لها بأن تحظى بعناية من الوزارة الوصية”، وفق تعبيره.

وأضاف: “إلى حدود الساعة، ليس هناك أي برنامج تنموي خاص بالمضايق صادقت أو ستصادق عليه الوزارة المعنية”، مبرزا وجود دراسة سابقة، “لكنها ظلت في رفوف النسيان، على الرغم من التدخلات التي قام بها عامل إقليم تنغير الحالي من أجل إعادة إحياء المضايق ووضعها على سكتها الصحيحة وما تستحقه من العناية”، على حد تعبيره.

hespress.com