تقف التضاريس الوعرة في منطقة “الريف” عائقا حقيقياً أمام تنزيل مخطط مشروع تقنين زراعة نبتة “الكيف”، خاصة في ما يتعلق بإنشاء تعاونيات ومركزيات جهوية تعمل على الربط بين المزارعين والوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المرتبطة بالنبتة.

وستكون الدولة أمام امتحان حقيقي في ما يخص تنزيل مقتضيات مشروع القانون المتعلق بزراعة القنب الهندي، لاسيما في منطقة الريف، التي لا تساعد صعوبة التضاريس فيها، وانعدام بنية تحتية حقيقية للاستثمار، على إنجاح “خطة الرباط” لتقنين الزراعة الممنوعة.

وتسارع أحزاب سياسية في منطقة الشّمال الزّمن من أجل رسم معالم النقاش العام بشأن تقنين “الكيف” والمناطق المعنية بهذا المطلب، بينما يضغط حزب الأصالة والمعاصرة من أجل جعل منطقة “وزان الشّاون” محور زراعة النبتة في الشمال.

وفجّر مطلب تقنين “الكيف” في مناطق الشّمال والرّيف نقاشا واسعا بين نشطاء مغاربة بشأن الأقاليم المعنية بـ”قانون الرّباط”، والشّرعية التاريخية لكل إقليم، إذ تطالب بعض الأصوات الحقوقية والمحلية في منطقة الرّيف بجعل محور “كتامة باب برد” أساسيا في أيّ إستراتيجية تهمّ منطقة الشّمال.

وفي غمرة الاستعداد للانتخابات المحلية والتشريعية، التي ستقام أواخر هذا العام، انبثق نقاش “تقنين الكيف” بالمغرب وسط آمال عريضة لتمكين المزارعين من آليات تمكنهم من الاستفادة من محصولهم الزّراعي بشكل قانوني، مع السّماح باستخدام القنب الهندي في المجال الطّبي.

ويتيح إقليم وزان المشمول بقانون زراعة القنب الهندي فرصا حقيقية للاستثمار في الصناعة البديلة والطبية، “خاصة أن هناك قابلية جغرافية لاحتواء المشاريع وبنية تحتية يمكن الرهان عليها لتحويل وزان إلى قطب صناعي حقيقي في الشمال”، كما يقول الدكتور والجامعي أحمد الدرداري.

ويستحضر الفاعل الجمعوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، مجموعة من العوامل التاريخية والثقافية التي تجعل من وزان محورا وقطبا صناعيا لزراعة “الكيف” في الشمال، “والتي ستحد من هجرة القرويين إلى مدن الداخل، كما كانت تحد تاريخيا من نزول الريفيين إلى منطقة الغرب”.

وقال الدرداري إن “المنطقة التاريخية المعروفة بزراعة ‘الكيف’ هي كتامة وباب برد، إذ إنها أول منطقة اصطدمت مع السلطات وتداولت موضوع الزراعة، لكنها غير مندمجة اقتصاديا أمام العوامل الطبيعية الصعبة”، مشددا على فكرة أن المعامل الصناعية يجب أن تكون بعيدة عن مجال الزراعة.

وأورد الجامعي ذاته أن اليد العاملة التي تشتغل في “الكيف” يجب أن تكون لديها قابلية التمدن، وهذا لا يمكن أن يحدث في دواوير الريف؛ “ولهذا يمكن اعتبار إقليم وزان سدا منيعا لإيقاف ظاهرة الهجرة القروية من خلال إنشاء معامل وتعاونيات به”، وفق تعبيره.

وشدد الباحث ذاته على أنه “لا يمكن الرهان على إقليم الشاون من أجل إحداث قطب صناعي خاص بـ’الكيف’، لأن المدينة معروفة بالسياحة وتجذب آلاف الزوار، وبالتالي سيزيد الطلب على الاستعمال الترفيهي للمخدر، بينما إقليم وزان ينبني على أساس اجتماعي وصحي، خاصة في ظل الحديث عن التغطية الاجتماعية الشاملة”، على حد قوله.

hespress.com