في حلتها الأصيلة، أعادت قصبة “الأوداية” بالرباط فتح مقهاها العريقة المطلة على النهر الفاصل بين عدوتي الرباط وسلا “بورقراق”، بعد شهور من الترميم الذي لم يخل من جدل.

قصبة الأوداية، وهي أحد أبرز المعالم التاريخية بعاصمة المملكة، شهدت ترميما طال في أولى المراحل مقهاها المؤسَّسة في عشرينات القرن الماضي، وحديقتها الأندلسية، ومن المرتقب أن يمتد إلى أحياء القصبة، وألوانها، ومتاحفها.

وفي السنة الماضية (2020)، خلال عملية الترميم، أثارت صور للحلة “الجديدة-القديمة” لمقهى الأوداية جدلا واسعا على الصفحات المغربية بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما انقشع بشكل كبير بعد بيان أن الصورة النهائية للترميم قد عادت بالمقهى التي تعد قبلة للسياح من داخل البلاد وخارجها إلى حلتها الأصلية، بمعمارها ولونها الأبيض.

في هذا السياق، قال عبد الرحمن البدراوي، رئيس جمعية فضاء الأوداية، إن قصبة الأوداية شهدت “عملية ترميم واسعة، بشكل مطابق للبناء الأصلي”، وفتحت مقهاها التاريخية أبوابها مجددا لتعود “نقطة التقاء للزوار من كل أنحاء العالم، ونقطة التقاء خاصّة لسيّاح الداخل”.

وأضاف البدراوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “مباشرة بعد افتتاحها، عرفت المقهى عددا من زيارات المواطنين المغاربة، والأجانب السياح، علما أنها توجد في نقطة التقاء أساسية، مما ينعكس على ساكنة قصبة الأوداية، حيث يمر السائح قرب المتاجر، فيتحرك الدليل السياحي المحلي، وتُشترى منتوجات الصناعة التقليدية…”.

وأوضح المتحدث أن عملية الترميم قد روعي فيها البناء الأصلي، فأُزيلت الشوائب المضافة في ثمانينات القرن الماضي، لأنه “بشكل قطعي لم يكن بمقهى الأوداية لا زليج ولا طلاء أزرق، بل كان لونها أبيض”، موردا: “شاركت منظمة اليونسكو في الإشراف على الترميم، وقالت إنه موافق بشكل كامل للشكل الأصلي”.

كما شهدت عملية الترميم، وفق رئيس جمعية فضاء الأوداية، نزع “الإسمنت المسلح” الذي كان يشكل خطورة على المقهى، حيث كان جانب منه آيلا للسقوط.

هذه الترميمات جعلت المقهى تبدو الآن بحلّتها الأصلية، حسب المتحدث، بمساعدة من لجنة متابعة الأشغال، التي من بين أعضائها جمعية فضاء الأوداية، ومؤرخون، ومْعَلّمُونْ (حرفيون محترفون).

ويرى البدراوي أن “عملية الترميم كانت ناجحة”، وانتهت قبل الموعد المحدّد في سنة. وتحدث عن المنتظر، من استكمالٍ لترميم الحديقة الأندلسية لتفتح قريبا، وهو ما يمسّ متاحف الأوداية ونباتات الحديقة، مع الحفاظ على أصلها الهندسي، واستكمال ترميم “باب الكبير” والأسوار الأثرية وأضوائها، علما أن من بين نجاحات عملية الترميم المستمرة “استعادة نافورات المياه”.

وحول اللون الأبيض الذي من المقرر أن تتوشّح به الأوداية، قال المصرح لهسبريس: “لم يكن الأزرق في يوم من الأيام لونا للأوداية، وفي الترميم سيعود الأبيض؛ لأن الأزرق لون دخيل، كما في شفشاون التي صُنِّفَت دوليا باللون الأبيض، الأصلي، لا الأزرق الموجود بها الآن”.

وتطال عملية الترميم الراهنة أيضا متاحف الأوداية، ومن المرتقب “جمع تحفها وقطعها المشتتة في عدد من متاحف المغرب، لتعود إليها بعد انتهاء عملية الترميم، وهو ما تكلّفت بالقيام به المؤسسة الوصية، المؤسسة الوطنية للمتاحف، مع عودة قريبة للمدافع في الباب الكبير للقصبة، والباب الصغير الذي يلج عبره الزوار الحديقة الأندلسية ومقهى الأوداية”.

وأبرز رئيس جمعية فضاء الأوداية الأهمية الحضارية والسياحية لـ”عملية الترميم التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس”، في “إعادة الاعتبار لقصبة غير عاديّة، مرَّت منها الحضارتان المرابطية والموحدية، وترتبط بالسور العلوي الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثامن عشر، ويوجد بها المسجد العتيق الذي هو أول مسجد بني بالرباط”.

hespress.com